Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

الصندوق الأسود.. نهج إداري ومعاناة جديدة!

A A
خلَّفت لنا كورونا - كظاهرة مؤثرة واستثنائية -، عدم السماح بزيارة المواقع المختلفة لضمان عدم الانتشار، واعتماد أسلوب أخذ المواعيد والتواصل عن بُعد من خلال الشبكة العنكبوتية، أو من خلال وسيط. الأمر الذي كوَّن حاجزاً أمام أصحاب المعاملات عند مراجعة الدوائر الحكومية، وخاصة التي تتصل بالحقوق، وأقصد هنا البلديات والأمانات. فأصبح لدينا نهج جديد، هو الإدارة من خلال الصندوق الأسود، حيث لا تستطيع تقديم المعاملة مباشرةً، إلا من خلال وسيط، كالمكاتب الهندسية، ولا تستطيع أن تعرف وضع المعاملة قبل إتمامها، وكل ما عليك هو أن تنتظر النتيجة، ولا تستطيع عمل أي شيء بخصوصها. ومعها بدأت عملية التصحيح، وتغيير الأنظمة والاشتراطات، وبدلاً من أن تكون المعاملة آلية، أصبحت جزءاً من التعقيد، والضغط على المستثمر. حيث يُجبَر المستثمر على إخراج رخصة بناء لمبنى قائم، عمره فوق الثلاثين عاماً. في حين من المفترض أن تكون العملية تعديل رخصة، وليس إصدار رخصة إنشاء جديدة، ومعها مكتب هندسي وتكاليف وخرائط لما هو قائم ومرخص -سابقاً- ومُعتَمَد وتم تنفيذه في سنوات سابقة تعدَّت العشر سنوات. ومعها تبدأ معاناة المستثمر، والجري خلف الأوراق، والخوف من انتهاء المدة ولا تصدر رخصة البلدية للمبنى، ويدخل في دوامة أخرى، ومعها تكون المعاناة والتعب والضغط النفسي، ليس بسبب يتعلق بالمستثمر، وإنما لأسباب خارجة عن سيطرته، في الدوائر الحكومية المختصة. فيجد نفسه أمام معضلة، لينتظر فرج الله، فليس من حقه المراجعة، والأمر كله تحت رحمة الأمانة والمكتب الهندسي، ولا يستطيع المستثمر أن يعرف من هو المُقصِّر، ولا من هو المتسبب في تعطيله وانتظاره ليس أياماً، وإنما أسابيع طويلة، وأمامه معضلة توقفه عن النشاط كليةً بسبب الصندوق الأسود.

وعند رغبتك مراجعة معالي الأمين أو أي موظف للاستفسار عن معاملتك، فإنك تُقدِّم طلباً من خلال الموقع والنفاذ الوطني، ثم تأتيك رسالة تقول: إن كنتَ ترغب في انتظار الأمين، فأمامك أسابيع حتى تستطيع أن تقابله، وإن كنتَ ترغب في مقابلة موظف آخر، يأتيك الموعد خلال أيام. ومركز الخدمة في البداية يتواصل مع الجهة القائمة على المعاملة، ويعطيك موعداً بخصوص إنجازها وسيرها، ولا يتحقق هذا الموعد، وتستمر المعاملة في مكانها.

أود أن أعرف، لماذا نتعرض لهذا الضغط، خاصة أن النشاط قائم من أكثر من ثلاثين عاماً، ولماذا أطالب بالتغيير ولا يصدر أتوماتيكياً، بدلاً من معاناة ليست لنا يد فيها؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store