Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

ماذا بعد الطائر الأزرق؟!

A A
قبل استحواذ "إيلون ماسك" على منصة تويتر، والتغييرات الجوهرية التي أحدثها على الشعار والاشتراكات، وتقليص عدد التغريدات التي تتاح لغير المشتركين أمثالي، كانت البداية مع زيادة عدد الأحرف من 140 - 280 حرفاً في 2017م، حيث قالت تويتر في بيان لها: "هل تحتاج إلى أكثر من 280 حرفاً للتعبير عن نفسك؟، نحن نعلم أن الكثير منكم يريد ذلك، وبينما نحب سلسلة الرسائل الجيدة، فأنتَ تريد أحياناً أن تغرد بكل شيء مرة واحدة"، الحقيقة لم تعد تغريدة، خصوصاً بعد اختفاء العصفور، بل أصبحت منشوراً!.

غردت الدكتورة "خيرية السقاف" على منصة تويتر قائلة: "قبل أن يختفي العصفور في غياهب الذكرى، وتتحول تغريدته إلى منشور، ومنزله إلى تقاطع ليل في وضح النهارٍ.. سنبقى نغذّ النظر في مآلات الطامحين في الثراء.. وفي الانتشار.. وفي البقاء.. والحكمة في التأمل".

وصفت حال تويتر والمتوترين الطامحين - كما وصفتهم - في الشهرة والثراء، بعبارات قليلة لكنها عميقة، تعيد إلى الذاكرة فكرة التغريدة أو التويتة عندما كانت 140 حرفاً، في عبارات مركزة، لكنها تغني عن هذه المنشورات بعد زيادة عدد الحروف إلى 4000 حرف في 9 فبراير 2023م. وبناء على هذا التغيير الذي عصف بالفكرة الجوهرية لمنصة تويتر منذ انطلاقتها، والتي تتمحور حول الطائر، وما يسجل فيها بمثابة "تغريدة"، عندما كانت لا تتجاوز 140 حرفاً؛ منصة خفيفة ظريفة، كنا نهرع إليها فراراً من الرسائل الطويلة والمكررة في فيسبوك والواتس، تحولت إلى نسخة أخرى منهما، منصة للرغي وتكرار القصص التي مللنا تكرارها على المنصات الأخرى.

لكن التغيير الذي أفقد تويتر شكله المميز وطائره الأزرق، عندما قرر "إيلون ماسك" استبدال طائر تويتر الأزرق بعلامة "إكس"، في الحقيقة هو المالك وهو الذي دفع فيه ملايين الدولارات، على رأي: "من حكم في ماله ما ظلم"، لكن أتصور أن التعاطي مع تويتر اختلف بناء على اختلاف الشعار، فجمالية الطائر الأزرق لا تشبه الشكل الكئيب لعلامة "إكس"، صحيح أن المنصة هي ذاتها ولها نفس الامتيازات بالنسبة لعدد المتابعين وعدد المشاهدات، لكن لم تعد توحي للمتعاطي معها بأنه "عصفور يغرد"، كما كان إحساس المغردين مع الأحرف القليلة والطائر الأزرق، بل منصة لنشر القص واللزق كغيرها من منصات التواصل الاجتماعي!.

تغريدات بعض المغردين النشطين على تويتر كانت اقتباسات لكتاب من كل اللغات، إلا أن عدد الأحرف كان ملزماً بالاختصار، الآن أصبح تويتر منصة سردية، قصص تراثية قرأناها مرات ومرات على مختلف المنصات يعيد نشرها البعض على تويتر، كذلك ارتفع عدد الباحثين عن وسيلة ثراء سريع بطرح أفكار غريبة، كما أن بعضهم جعل النيل من فئة أو شعب أو وطن وسيلة تكسُّب عن طريق الانتقاص منه، وكيْل الافتراءات والقذف والشتم، فهو غير مجبر على التكثيف اللغوي والاختصار غير المخل بالفكرة، بل بما يحقق له الوصول إلى عدد المتابعين، لتستقبل صفحته الإعلانات، يجني منها مكاسب مادية، ويكوّن شهرة زائفة!.

منذ اشتراكي في وسائل التواصل وأنا اعتبر نفسي طارئة كالمسافر، الذي يقف في محطة على الطريق للتزود بالوقود، ثم يمضى سريعاً غير آبه بما يحدث في المحطة، هكذا أنا أمر على تويتر، أقرأ ما يعجبني، وأتجاوز غير ذلك، اطلع على الأخبار والأحداث لا أكثر، أخشى الوقوع في أرض سفيه، أو باحث عن متابعين أو مطبلين ممن أدمنوا التفاهة واعتادوا البذاءة.

كثير من التغريدات انتقدت الشعار الجديد، ونَعَتْ الطائر الأزرق الذي كان يُميِّز منصة تويتر، حيث أفزعهم التغيير الذي عصف بالفكرة الجوهرية لمنصة تويتر منذ انطلاقتها، ربما لازال هناك المزيد من التغييرات.. ياما في الجراب!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store