Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

أفلام المقاولات في دور السينما

A A
في زمن أشرطة الفيديو، والإقبال على مشاهدة الأفلام المصرية، وجهل الموزع الخليجي، انتشرت ظاهرة أفلام ومسلسلات المقاولات، لتغطية الطلب المتزايد في السوق الخليجي في ذلك الوقت.

أفلام ومسلسلات المقاولات، تُصوَّر في الشقق، وخلال أسبوع أو أقل تكون جاهزة للعرض والتسويق، حيث يتلقفها الموزع الخليجي، لتغطية الطلب المتزايد، لكن لا أحد – وقتها- اكتشف أزمة أفلام ومسلسلات المقاولات إلا عندما ضج النقاد والفنانون الكبار بسوق المقاولات السينمائية؛ الذي لا ينتمي إلى السينما أو الفن، بالرغم من أن ذائقتنا اكتشفت اهتزاز الصورة، وشح المناظر المحصورة بين جدران الشقق الضيقة! انتبهنا بعد أن سقطنا في جشع المنتجين بمشاركة بعض الفنانين، ثم انتهت تلك المرحلة وردمت في ذاكرتنا، حتى شاهدت فيلماً مصرياً جديداً في إحدى دور السينما في جدة.

انتهى شغفي بمشاهدة الأفلام السينمائية في دور السينما منذ سنوات، فلم أعد أتابع الأجيال المتدفقة من نجوم السينما المصرية بعد رحيل النجوم الكبار عن عالم النجومية، حيث كانت مشاهدة الأفلام في دور السينما المصرية، وحضور المسرحيات لكبار النجوم في ذلك الوقت أحد أهم برامجنا السياحية إلى مصر، كذلك كنا نشاهد الأفلام في منازلنا عن طريق استئجار جهاز عرض سينمائي أو امتلاكه، وكانت من أجمل الأمسيات الاجتماعية والأسرية.

فاتن حمامة، نجلاء فتحي، ميرفت أمين، هند رستم، محمود ياسين، محمود عبدالعزيز، صلاح ذو الفقار وغيرهم وغيرهن، من نجوم ونجمات السينما المصرية، فتحنا أعيننا رأيناهم على الشاشة الكبيرة، يُجسِّدون أدواراً مختلفة، ثم ترسَّخت صورهم في عقولنا وقلوبنا، واستمر شغف المشاهدة والمتابعة حتى انتهى عصرهم.

على مدى جمعتين، ذهبت مع ابنتي وأحفادي لمشاهدة فيلم سينمائي في أحد دور السينما الفاخرة، المرة الأولى شاهدنا فيلماً مصرياً، أعاد إلى ذاكرتي أفلام المقاولات، مع أن السينما تعبير بالصورة، وحيثما تغني الصورة عن الكلمة، تصبح الكلمة ترهلاً في المشهد، لكن الفيلم كان كله حوارات طويلة مملة بين الممثلين، الذين لا يتحلون بأي صفة من صفة النجم، الطول والرشاقة والجاذبية والجمال، بل كانوا سماناً وكروشهم مدلاة، لا أحد من الممثلين رجالاً ونساء عليه مسحة جمال تؤهله للنجومية، سوى أنوشكا، وهي في دور ثاني، وقد بلغت من الكبر عتياً. والمصيبة أن كل أحداث الفيلم في شقة!.

الجمعة الماضية اخترنا فيلماً أمريكياً، لم نشعر بالوقت وأنفاسنا تتلاحق ونحن نتابع المشاهد والصور المبهرة السريعة، التي لا تستطيع أن تغمض عينيك عنها لحظة!.

خفت بيني وبين نفسي من عودة حقبة أفلام المقاولات، ودور السينما في المدن السعودية تُمثِّل مستهلكاً نهماً لعرض كل جديد، خصوصاً للسينما المصرية التي يميل إليها المشاهد الخليجي والعربي بصفة عامة.

ومن السينما إلى التلفزيون، حيث لاحظت في قناة «شاهد» التي تبثها قناة MBC الاستعجال في شراء وعرض المسلسلات التركية، بالرغم من أن لدى القنوات التركية معياراً لاستمرار المسلسل أو توقيفه، وهو نسب المشاهدة، لذلك لا يتم تصوير المسلسلات بالكامل، بل خلال العرض يتم تصوير حلقة حلقة. كثيرة هي المسلسلات التي لم تحصل على نسب مشاهدة جيدة وتم توقيفها عند الحلقة السادسة أو العاشرة، أو أكثر قليلاً.

السينما والدراما مواد ثقافية تجتمع حولها الأسرة، لماذا يتم التهاون في اختيار الأعمال، وكأن كل هم المسؤول عن الشراء أو التعاقد هو ملء ساعات البث حتى بالأعمال الفاشلة، والتي لم يقبل عليها الجمهور التركي والمصري، والأعمال التي يطلق عليها سينما أو دراما المقاولات.

أين الذائقة الفنية للمسؤولين عن هذا الغث الذي يملأ شاشات السينما والتلفزيون؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store