Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

الوطن.. وتحقيق الأحلام

A A
ليس كل «بعيد عن العين بعيداً عن القلب» كما جاء في المثل الشعبي. أرى أن الأمثال التي تم إنتاجها لمعالجة موقف أو واقعة بذاتها؛ لا يمكن اتخاذها مقياساً أو معياراً نزن به كل المواقف والحوادث، والوقائع والعلاقات والروابط!.

حتى لو انطبق المثل على بعض الحالات والمواقف والأشخاص، إلا أنه في حالة الأوطان يصبح قياساً فاسداً.

فالوطن يحتل قلبك وعقلك، أينما ذهبت تشتاق إليه، ذلك الشوق أو الحنين الذي يدعم مشاعر الغربة، حتى لو كنت في أجمل بلاد الدنيا.

ربما لا تشاهد وطنك بعيون القلب وأنت على أرضه. تتنسم هواءه وتمشى على ترابه، وتأكل خيراته. تنام في حضن أمنه، وتمد أحلاماً بشساعة أرضه. تشتاق للترحال والسفر، ربما رغبة في الخروج من الرتابة والملل، أو الطمع في جني السبع فوائد التي في السفر! أو الفرار عندما تطوقك الأزمات والمشكلات، لكنك تكتشف أن الغربة كربة! وهي حقيقة يعاني منها كل من ابتعد عن وطنه، مهما كانت دواعي سفره، حتى السائح يشعر بالحنين إلى أرضه. فالوطن يحنو عليك وتلقي بهمومك على شطآنه، وسيأخذها الموج بعيداً، وستعيش سعيداً خالي البال مطمئن النفس، لكن الخيال ليس كالواقع، فالغربة كربة كما يقولون، لذلك يشتد الحنين إلى الأوطان، ربما من أول يوم تغادر فيه الوطن.

اسألوا المغتربين عن مشاعر الغربة مهما كونوا أوطاناً صغيرة فيها، إلا أن حب الوطن يمد أشرعته، ويبحر في أعماق القلب، لذلك لا تصدق عبارة: «البعيد عن العين بعيد عن القلب» على الأوطان، فكلما ابتعد الوطن عن العين تسلل إلى القلب وتربع على عرشه.

وأنا بعيدة عن الوطن وهو يحتفل بمرور 93 عاماً على توحيده تحت راية «لا إله إلا الله»، وطن واحد ينعم بالسلام والاستقرار، عبأت حقائبي قبل السفر بكل ما يلزم بالاحتفال بالوطن، كي نتشارك نحن السعوديات بإقامة احتفالية وطنية في قاهرة المعز.

الاحتفال هذا العام تحت شعار: «نحلم ونحقق»، في الحقيقة ما تحقق خلال سنوات قليلة أكبر من أحلامنا نحن المواطنين، ربما كانت أحلامنا في حدود ما كان يسمح به التيار المتشدد، ذلك الزمن المظلم الذي اغتيلت فيه الأحلام، وانخفض سقف تطلعاتنا، وضاق المدى أمام أبصارنا، ثم حدثت المعجزة في عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان صاحب الرؤية المدروسة، لذلك تحققت الأحلام، لأن رؤية محمد بن سلمان تضمنت كل الأحلام.

أصبح للاحتفال بالوطن كل عام شعار، يتسق مع المنجز العظيم خلال عام. وخلال أعوام قليلة تحقق ما كنا نحلم به، وهي منجزات كثيرة لا يمكن أن يستوعبها مقال، لكنها في المجمل؛ حصد المواطن حقوقاً كثيرة بعد القضاء على الفساد، وعلى التطرف.

الفرص التي حصل عليها الشباب، رعاية كبار السن، حقوق الطفل، وما تحقق للمرأة من قوة التمكين، والوصول إلى كل المناصب، كما تحققت لها قيم المواطنة بعد أن كانت تابعاً، لا يملك من أمر نفسه شيئاً، مهمشة ومقصاة.

أصبح لليوم الوطني موقع على خارطة الإجازات الرسمية، اتخذ الاحتفال هذا الشكل الإبداعي، لترسيخ ذكرى توحيد الوطن تحت راية «لا إله إلا الله» في ذاكرة الأجيال، يحدث ذلك بكل هذا الزخم من الفعاليات المختلفة، في البيت والمدرسة والجامعة، في الشارع والمطعم والمقهى، في المؤسسات وفي وسائل الإعلام المختلفة، كمٌّ هائل من المعلومات، بصرية وسمعية، تتدفق بسلاسة إلى حواس الصغار، فينمو هذا الحب للوطن في قلوبهم الغضة، مع مشاعر الفخر والعزة، والحب والولاء لقادة هذا الوطن، هكذا يتوج الوطن حضوره الدائم في قلوب أبنائه؛ عندما يشاهدون أحلامهم أصبحت واقعاً يعيشونه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store