قبل أكثر من مائة عام؛ كثيرون ومنهم الغرب اعتقدوا أن الصحراء القاسية في شبه الجزيرة العربية يصعب لَمّ شمل تضاريسها بظلّ طرقها الوعرة وجغرافيتها ذات العمق المؤثر في ثقافة إنسانها وطباعه، فمن الجبال الشاهقة إلى الصحاري المتسعة والسواحل الممتدة فالأودية المنحدرة، كل ذلك كان في تصورهم مستحيلاً؛ لكن وحده الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- بفكر السياسي القائد المفكر لم يكن من هؤلاء؛ لقد رأى المستحيل ممكنا وحلمه واقعا وهو ينطلق مع رجاله من قلبها في نجد نحو الغرب والشرق والشمال والجنوب، قاطعا تلك السبل الوعرة، موحداً تلك التضاريس على مساحة تُقدر بـ2.150.000 كيلومتر مربع، حتى حان الوقت وجاء صوت الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -قبل أن يكون ملكا- في الساعة التاسعة صباحا من يوم الخميس 23 سبتمبر 1932م معلنا الأمر الملكي الذي أصدره والده المؤسس رقم (2716) وتاريخ 17 /5 /1351هـ عن تحويل (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها) إلى (المملكة العربية السعودية)، لتكون الدولة الأكبر مساحة في منطقة الشرق الأوسط والأقوى تأثيرا في المجتمع الدولي على جميع المستويات.
لقد كان الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- قائد القرن العشرين بما امتلكه من رؤية عميقة في جذورها وحلم ممتد في المستقبل، إنه صانع لتاريخ أرض كتبه بالإصرار والإرادة، والتي تحولت على يده ومن بعده أبناؤه الملوك الكرام مكملين مسيرة والدهم بتفان وإخلاص كي تصبح المملكة العربية السعودية دولة ذات سيادة وتأثير دولي وعمق إستراتيجي في القرار العالمي، فيما تتمتع مدنها وحتى القرى والهجر الصغيرة في مختلف الأقاليم المتباينة بكافة الخدمات التي تجعل من حياة المواطن السعودي أكثر تحضراً وتقدماً، ووصلت مشاريع التوسعة السعودية للحرمين الشريفين لأن تكون الأبرز فخامة وراحة خلال عصور التاريخ، وفي ظلّ ذلك تنهض مشاريع التنمية العملاقة المختلفة في مجالاتها ومنذ توحيد المملكة إلى أن وصلنا اليوم إلى مرحلة جديدة كتبها لنا بفضل من الله تعالى مهندس الرؤية ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- تحت توجيهات ودعم والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- فنحن ومنذ انطلاق الرؤية السعودية 2030 يعيش السعوديون أهم مراحل التقدم في المملكة، فما تمّ إنجازه منذ 2016 انطلاق الرؤية تكاد تكون منجزات ضوئية لم يدر في خلدنا يوما أن تتحقق؛ ونشهد تقدما فكريا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا فيما تنهض مشاريع عملاقة ترتقي بجودة الحياة في البنية التحتية والتنمية والسياحة والترفيه والصناعة وكل ذلك في سنوات قليلة جدا؛ بل وصلنا الفضاء وأصبحت السعودية مقصدا سياحيا وكم أشعر بالسعادة والفخر حين أتمشى بأحد الأسواق أو الأماكن العامة وأرى سياحا من دول مختلفة يقصدون أرضنا ويتعرفون على ثقافتنا السعودية.
إننا كسعوديين محظوظين بقيادة آل سعود؛ العائلة الملكية التي نبعت من أصالة هذه الأرض وتاريخها؛ إننا محظوظون بملوك آل سعود وحكمهم الرشيد بما فيه من الرؤية العميقة والإخلاص في حب السعوديين والتفاني لأجل الارتقاء بهم وخدمة الوطن، ويبادلهم السعوديون المحبة بمحبة وولاء وإخلاص؛ بل إن علاقة الشعب السعودي بآل سعود علاقة فريدة من نوعها لا تجدها أبداً إلا في المملكة العربية السعودية.
وهكذا الدولة السعودية بقيادة آل سعود وهمة شعب سعودي كهمة طويق، تتقدم وتتطور لتعمير الأرض وتكون قلب العالم الإسلامي، وعقل الشرق الأوسط، وضمير الإنسانية.
عرفتم.. لماذا تقدمت السعودية؟!
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
