Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

أطباء الأسنان: هل يأتي الحل من القطاع الثالث؟!

A A
يلعب القطاع غير الربحي دورًا حيويًا وهامًا في حل العديد من الإشكاليات والتحديات التنموية في المجتمعات العالمية.. فأدوار هذا القطاع المهم تتجاوز الهبات والعطاء المباشر، إلى عطاءات مركّبة ودائمة، تساند قضايا صعبة مثل البطالة والصحة وغيرها. في أمريكا مثلاً، تقوم بعض المؤسسات غير الربحية بأدوار رائعة ومؤثرة جدًا في تشغيل العاطلين وتأهيلهم، وقد سبق أن تحدثت هنا عن مؤسسة (جودويل)، التي تفتخر بأنها تعيد في كل عام أكثر من ٢٥٠ ألف شخص عاطل إلى ميادين العمل، والمدهش أن تمويل هذه المؤسسة العملاقة يأتي من خلال التبرعات الخيرية، بالإضافة إلى النشاط التجاري، حيث تمتلك المؤسسة شبكة ضخمة من متاجر البيع بالتجزئة، التي تكفل لها دخلاً يساعد في تحقيق أهدافها الإنسانية، بوصفها منظمة غير ربحية.

محليًا، لا أعرف لماذا يغيب هذا الهدف التنموي والوطني المهم عن أذهان معظم مسيِّري الجمعيات العاملة في هذا القطاع، فلا جمعيات مختصة بالتوظيف مثل (جودويل)، ولا مؤسسات تضع التوظيف من أهدافها الثانوية وغير المباشرة، رغم عظم هذا العمل وتأثيره التنموي العظيم على المواطن، وعلى الاقتصاد الوطني بأكمله.

قضية البطالة ليست شأنًا وزارياً وحسب، بل هي قضية مجتمعية عامة، يمكن للجميع المشاركة في حلها.. وقضية عطالة أطباء الأسنان حديثي التخرج، إحدى القضايا الوطنية التي يمكن أن تساعد الجمعيات العاملة في المجال الصحي وجمعيات الأحياء فيها بجزء من الحل، من خلال إنشاء عيادات (شبه خيرية) مثل ما يحدث في أمريكا وكثير من دول العالم، حيث يتم الاستعانة بالأطباء المتطوعين للعمل بشكل كامل أو جزئي في عيادات متنقلة، تزور كثيراً من الولايات، لعلاج غير القادرين من الفقراء والمهمشين، وهذه الفكرة لو تبنَّتها بعض الجمعيات الخيرية، لكان فيها أكثر من فائدة، أولها تشغيل الأطباء الشباب، وإكسابهم الخبرة العملية من خلال ممارسة العمل الفعلي، ومنحهم رواتب (معقولة) ستكون أفضل دون شك من رواتب القطاع الخاص.. وثاني هذه الفوائد، تخفيف الضغط على المستشفيات والمراكز الصحية، وتقليص طوابير الانتظار الطويلة.

نظام المؤسسات غير الهادفة للربح، هو نظام خيري - من المؤسف أنه غير منتشر في بلادنا - وهو يمثل مؤسسات ذات أهداف خيرية، تنتهج نوعًا من الأعمال التجارية لا تهدف لتحقيق ربح أو عائد مالي كبير، فقط ما يكفل تأمين رواتب العاملين، وتوسيع برامجها وأعمالها، وهذا النظام رغم خيريّته لا يتوقف تمويله على تبرعات الحكومة أو المواطنين، ولا يشترط أن تكون خدماته مجانية، بل يمكن أن يقدم خدمات تجارية بأسعار معقولة، ويمكن في حالة عيادات الأسنان أن يكون العمل إما من خلال عيادات دائمة ذات رسوم متوسطة، أو حملات متنقلة تذهب لمناطق مختلفة، كالتي تعقد في بعض الولايات الأمريكية مرتين في العام، وتحظى بشعبية واسعة، ويتم فيها علاج أسنان الفقراء والمهمشين.

قضية أطباء الأسنان الباحثين عن عمل، والتي تتزايد أرقامها في كل عام، بحاجة إلى تضافر كل الجهود، ومنها جهود قطاع المنظمات غير الربحية، التي أتمنى أن تُشكِّل دعماً قويًا في اتجاه حل هذه القضية وغيرها من القضايا المجتمعية المهمة.. فهل سنرى ذلك قريبًا؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store