هل كل متطلبات وزارة السياحة تمثل احتياجات السائح الحقيقية، وهل تستجيب لكل الأطياف، أم تكون خاصة بفئةٍ محددة ولا يمكن تعميمها؟.
تُمثِّل الإجابة على هذا السؤال محور القضية التي نحن بصدد مناقشتها، لأن إضافة أي متطلبات على القطاع بمختلف مؤسساته، يتمثل في تكلفةٍ وعبء سيتحملها المستهلك النهائي، وهو السائح، وبالتالي يكون السائح هو الطرف المهم في هذه الحلقة. ورغباته وتطلعاته والخدمات المقدمة له هي الأساس، ويمكن تقسيمه إلى فئاتٍ حسب قدرته الشرائية، لأن العنصر المالي مؤثر قوي على قرار الشراء للخدمة.
من المعروف أن هناك فئات، من نجمة إلى خمس نجوم، تعكس احتياجات وتكلفة السائح وسعر الوحدة، وبالتالي تستجيب لمجموعةٍ كبيرة من المتطلبات، وتبقى المعايير التي تحدد الفئات عاملاً مؤثراً في التكلفة وتحددها. كما أن هناك معايير ومتطلبات خاصة تستجيب لحاجة محددة ولفئة محددة، ولا تتوفر لدى الآخرين، أو لا ترغب فيها، لأن انعكاسها سيكون سلبياً على القيمة.
يبدو أن الوضع الحالي يرتكز على رفع مستوى الخدمة ورفع معاييرها، وبالتالي تقديم خدمات لا يحتاجها السائح، أو تعتبر ضرورية أو مهمة له، ولعلي أورد هنا مثالاً حتى نستوعب الفرق. الوزارة تصر على أن الحمام العربي شيء من الماضي، ولا يجب أن يتوفر، ويستعاض عنه بالحمام الأفرنجي. وننسى أن جزءاً كبيراً من المواطنين والسياح والمعتمرين لا يرغب في الحمام الأفرنجي، ويرغب في الحمام العربي، نظراً لتعوّده، وإذا وُضِعَ له يتعامل معه كأنه كرسي عربي، مما يُحدث أضراراً به.
لا شك أن وجود معايير أمر مهم، وأن الالتزام بها يعد أمراً حيوياً، ولكن ما ذنب من كان في السوق منذ فترةٍ طويلة، ولا يستجيب مبناه للمعايير الحديثة؟ هناك حاجة فعلية لأن تتم مراجعة المعايير، فهي ليست كتاباً مُنزَلاً، أو أمر لا يمكن المساس به، وأن يراعى مفهوم الاقتصاد وحاجة ورغبات المستهلك. فليس ما يروق لك وتعتبره مهماً، يروق لغيرك ويعتبره مهماً.
فلابد أن نوائم معاييرنا بصورة صحيحة مع متطلبات واحتياجات المستهلك ومتطلباته، لأنه هو محور القضية وأساسها. كما يجب أن نعي بأن وضع اللوائح وأخذ آراء العموم لا يعكس الواقع المطلوب. ويجب أن ندرك أن محور عملنا هو متطلبات المستهلك، وليس كل ما ينطبق عالمياً، يمكن أن نعده هو الأساس، ونطلب تطبيقه.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
