Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د.ساري بن محمد الزهراني

سرّ المعبد: بعض مفاتيح جماعة «الإخوان»

A A
لا أعْتقدُ أن كتابًا بحجم كتاب (سرّ المعبد.. الأسرار الخفية لجماعة الإخوان المسلمين) للمنشقّ ثروت الخرباوي عن جماعة «الإخوان المسلمون»؛ أخذ من الحظوة والاهتمام ما أخذه هذا الكتاب؛ نظراً لأنّ صاحبه كان قياديّاً في الجماعة، إضافة إلى السنوات الـ24 التي قضاها بين أحضان هذه الجماعة.

لن أخوض في تفاصيل الكتاب؛ ولكن سأقتطف بعض الفقرات الكاشفة عن المسار الذي تنهجه «الجماعة»، ولن أكثر الحديث عنه بالقدر الذي أحاول فيه إعطاء القارئ بعض المفاتيح التي تتجلّى فيه عوالم متعدّدة قائمة على التّبعية والغواية، إلى عوالم أخر تتبدّى فيها لغة الدّم، يقول الخرباوي:

(1)

مرت سنوات وأنا في قلب الإخوان، رأيت فيها أفكارًا ترتفع وأفكارًا تتهاوى، شخصيات حملت الجماعة، وشخصيات حملتها الجماعة، كان في ظني أن التنظيم ما هو إلاّ وسيلة لتوجيه طاقات الفرد الإبداعية وتنميتها، فإذا به وسيلة لتكبيل الفرد في سلاسل بشرية طويلة أشبه ما تكون بسلسلة.

(2)

أظن جماعة الإخوان تحولت إلى سجنٍ بشري لا يحفل كثيراً بقيمة الحرية، ويستحقون الرثاء، من عاشوا في الظلام وينزعجون من النور، من يقبعون في أقبيتهم وسراديبهم الضيقة وهم يحسبون أن الطريق إلى الدين والفضيلة لا يكون إلا من خلال الأقبية والسراديب المغلقة.

(3)

لقد كنت أشعر من آمادٍ طويلة أن هذه الجماعة سجن وقيود وأنا السجين الذي لا يستطيع أن يحبو إلى حرّيته.. ثقيلة هي القيود.. ندت عني ابتسامة ساخرة وأنا أقول: أخشى أن أكون قد أدمنت السجن والسجان، كانت العديد من اللقاءات الإخوانية التنظيمية قد جمعتني بالمستشار الهضيبي سابقًا إلاّ أنّه في الغالب الأعمّ قليل الكلام يميل إلى الاستماع ولا يعقب إلاّ بكلمات قليلات.. وكانت معظم الحوارات التي جمعتنا تدور في مجملها حول شؤون تنظيمية وحركية لا علاقة لها بالفكر، كما لم تكن لها علاقة بالإنسانيات والمشاعر، لذلك لم تتح لي الفرصة كي أختبر بصيرة هذا الرجل وقلبه، إلا أنني لاحظت من خلال خبرتي في التعامل معه كما لاحظ آخرون أنه يتسم بضيق الصدر وسرعة نفاد الصبر.

(4)

كان لقائي معه -يقصد الهضيبي- هو خاتمة قصتي مع الجماعة، حين تكلم ظهرت على قسمات وجهي مخايل الدهشة حتى إنني كدت أهزّ رأسي لأعيد عقلي إلى مكانه المعهود، هممت بالوقوف للانصراف، فدفقات الكلام الذي خرج من فمه يوحي بأنه كان يعيش مرحلة ذهنية متأخّرة. أشار إليّ بيده يأمرني بالجلوس وهو يقول: أقعد.. أقعد.. هل تظنُّ أن دخول الحمام كما الخروج منه.

جلست وأنا أقول في نفسي بعد أن غالبت ابتسامة طفت على سطح وجهي.. ما دام الرّجل يعتبر بيته حمّاماً فكان من المفروض أنْ أدخل بقدمي اليسرى وأقول وأنا أدخل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.

(5)

... ودون تمهيد بادرني -أي مرشدهم- بلهجة يشوبها الاستعلاء وكأنه رئيس مجلس إدارة شركة يخاطب بها أحد موظفيها عنده: أنت أخطأت في حق الجماعة يا ثروت.. ويبدو أنك لم تعرف ما قاله حسن البنا.. قال نحن جماعة انتظمنا في صفٍ واحدٍ فإذا خرج منّا واحد، لن يقول الناس خرج واحد ولكن سيقولون صف أعوج.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store