Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

عقوبة الصمت.. أم هذيان البوح؟!

A A
ذهبت لمعرض الكتاب بالرياض في اليومين الأخيرين الجمعة والسبت من أيام المعرض، كان كل شيء في المعرض حافلًا بالزوار رجالًا ونساءً وأطفالًا والأجمل في مهرجان الأدب والنشر والقراءة والإبداع الفكري الذي استقبلته الرياض بصدر رحب وتنظيم متقن وتسهيلات وترحاب لافت في هذا العام.

تذكرت وأنا في طريقي إلى المعرض بصحبة الأبناء في طريق ضيق ومزدحم بالمركبات وقوافل الزوار من الأسر مصطحبين أطفالهم وهم يسابقونهم في طريق مكتظ بالمشاة وميسر لهم الدخول بدون تفتيش أو مساءلة كما كان الوضع قبل عقد من الزمن عندما كان البعض يظن أن المرأة محظور عليها الحضور مع الرجال والمشاركة حتى في معارض الكتاب إلا بشروط ضيقة حفاظًا على الفضيلة كما يراها البعض.. المشهد في داخل المعرض كان جميلًا وحضاريًا وراقيًا لا يخدش الحشمة والتقاليد الإسلامية على وجه الخصوص وتواجد المرأة ومشاركتها في الندوات وفي دور النشر بائعة ومتسوقة بصحبة زوجها وأطفالها أو صديقاتها لم يخل بأي درجة من درجات الالتزام والحشمة المتعارف عليها حسب التقاليد الإسلامية.

كانت دولة عمان ضيف الشرف، شاهدت فعالية الفرقة الشعبية العمانية المبدعة وحضور مكثف من النساء والأطفال والجميع يتابعون لحن الموسيقى والرقصات الشعبية بطابعها وزيها العماني الأصيل ومثل تلك الفعاليات تضفي جمالًا وتعرف وتقارب وتعزز التواصل وتكسر حواجز النفور والبعد بين المجتمعات العربية، مرحبًا بدولة عمان وفنونها التراثية الأصيلة ضيف شرف مشرف في وطنهم الثاني.. وشكرًا لمنظمي الاحتفالات من الطرفين المضيف والضيوف على كل ما عملوه لإنجاح معرض الكتاب في الرياض.

في يوم السبت ٧/١٠/٢٠٢٣م يوم عودتي من الرياض كنت أعد لكتابة انطباعاتي عن المعرض المبهر الذي لا يفوت ولكن أحداث غزة شدتني لمتابعتها على مدار الساعة لأن ما حدث كان غير مسبوق، فرحًا هنا وتوجس مقلق هناك من ردود الفعل من عدو لدود لا يعرف للقيم الإنسانية معنى وهذا الذي شهدناه ولازال حاضرًا في مأساة غزة وفلسطين بصفة عامة منذ وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا آنذاك في عام 1917م من القرن الماضي عندما أعطى اليهود حق الوجود والهجرة إلى فلسطين على حساب السكان العرب أهل الأرض الأصليين منذ الفين عام وما قبل.. المشهد البشع الذي تعيشه غزة وتداعيات الدول التي أوجدت إسرائيل رأس حربة في قلب العالم العربي بتأييد مطلق على كل المستويات أكبر دليل على تناسيهم الماضي والأسباب والمسببات التي ادت للوضع الحالي ويذكر أيضًا بأن المقاربات مع الكيان الصهيوني لن تغير من نواياهم العدوانية ضد العرب والمسلمين.

إن الجمع بين الحدثين معرض الرياض ونشوة الفرح ومأساة غزة وآلامها في مقال واحد فرضه الظرف الزمني الذي لا مفر منه برغم إن موضوع غزة سيتطلب مقالات ومقالات لأنها مأساة مجتمع وشعب وأمة لا يكفيها طرح عابر من أبناء أجيال عاصروا كل تطوراتها وآلامها وحفرت في ذاكرة الأجيال العربية جروحًا عميقة من الصعب علاجها إلا بإعادة الحقوق لأهلها.

وليس هناك أدنى شك من أن كل كاتب عربي ودار نشر حضرت معرض الكتاب في الرياض بها كم كبير من محاكاة القضية الفلسطينية والجرائم الصهيونية والنكبات التي مرت على العالم العربي بسببها.. ولا عقوبة الصمت.. ولا هذيان البوح يشفي جروح سبعين عامًا من عقاب الشعب الفلسطيني والأمة العربية.. وللحديث بقية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store