Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

التفاعل الإيجابي للسعوديَّة

A A
لا شكَّ أنَّ كلًّا منَّا يتألَّم لما يحدث في غزَّة، وما يعانيه سكانُها من قتلٍ بلا رحمة، وتهجير قسري. كذلك كلٌّ منَّا يملك قلبًا نابضًا شريفًا هو بالتأكيد ضد ما تقوم به آلة الحرب الصهيونيَّة والصهاينة ضدَّ النساء والأطفال في غزَّة.

هذه هي القلوب التي تمثِّل الإنسانيَّة في معناها العميق؛ لأنَّ التفاعل مع أحزان وآلام الآخرين دليل الرحمة، التي هي صفة الرحمن -عزَّ وجلَّ-.

مَن منَّا لم يحترق قلبه وهو يشاهد إجرام إسرائيل ضدَّ النساء والأطفال، وتفجير المستشفيات والمخيَّمات، والأشلاء ورماد الاحتراق يغطي المكان الذي كان يضجُّ بالحياة، فأصبح مقبرةً جماعيَّةً لأرواح بريئة وأجساد غضَّة؟!.

الصهاينة، أو إسرائيل المحتلَّة، لا تعرف معنى الإنسانيَّة، ولا تمتلك ضميرًا حيًّا. خبرنا تلك المعاني منذُ عقود، أو من زمن جريمة الاحتلال الكُبْرَى، قرأنا وسمعنا مآسي التَّهجير والقتل بلا رحمة، تُعاد كلَّما تجدَّدت الانتهاكات الإجراميَّة التي قامت بها خلال تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وجرائم بناء المستوطنات، وهدم منازل السكَّان الأصليين خلال سنوات طويلة من الحروب والمقاطعة.

كلُّ ما سبق جعل فلسطين موضوعًا لكلِّ المؤتمرات والحوارات التي تمثِّل فيها المملكة العربيَّة السعوديَّة لاعبًا رئيسًا، ووضع القضيَّة الفلسطينيَّة على رأس كل القضايا، وسببًا لكلِّ المبادرات السياسيَّة التي تتقدَّم بها المملكة في المؤتمرات العربيَّة والإسلاميَّة والدوليَّة؛ لكنَّ بعض الشعوب العربيَّة والإسلاميَّة -للأسف- يقفون على حدٍّ مضطربٍ، لذلك يكتنف تفاعلهم مع أي حدث -وخصوصًا مع الأحداث الراهنة- غبشٌ في الرؤية، يحجب رؤيتهم لكثير من الحقائق، والإسهامات الكبيرة التي قدَّمتها قيادات المملكة لفلسطين، وشعبها، وقياداتها على مرِّ الزَّمان، وفي كلِّ حدث وكلِّ أزمة.

القيادة السعوديَّة تمنحُ بلا مَنٍّ أو أذى، وتعمل لنصرة القضيَّة الفلسطينيَّة في صمت، لا تنتظر تهليلًا، ولا تطبيلًا، تؤدِّي أكثر ممَّا عليها؛ لأنَّها تدرك حجمها ومكانتها الإقليميَّة والدوليَّة والاقتصاديَّة، وتأثيرها على القرارات. إذن ما قدَّمته المملكة لفلسطين ولقياداتها، وخلال كل أزمة منذُ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ليس فقط المال والدعم، بل الأرواح أيضًا، وخلال الانتفاضات المتتالية لأطفال الحجارة، الذين كان يُزجُّ بهم إلى واجهة الصراع؛ لقذف الجنود الإسرائيليين المدججين بالأسلحة الثقيلة بالحجارة!.

كان العالم ينتفض مع انتفاضة الحجارة، لكنَّ الدولة الوحيدة التي كانت تتفاعل بشكل فورى دون ضجيج، ولا مظاهرات، أو هتافات، أو اتهامات موجهة لزيد أو عمرو، هي المملكة العربية السعودية، فهي التي كانت تقدم الدعمَ السخيَّ، وتفتح باب التبرعات بالملايين التي يمنحها خادم الحرمين وولي عهده، كما حدث في هذه الحرب التي تشنها إسرائيل ضدَّ غزة، تبرع الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بمبلغ 50 مليون ريال، كذلك تلقَّى مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانيَّة عبر منصَّة «ساهم» تبرُّعات تجاوزت 282 مليون ريال، لصالح جهود إغاثة الشعب الفلسطيني، في استجابة واسعة لحملة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده.

كلُّ ما قدَّمته المملكة من دعم ومواقف حازمة لترسية وترسيخ عمليَّة السَّلام في الشرق الأوسط، والدَّعم الدبلوماسي والمادي لوقف آلة الحرب الإسرائيليَّة، لا يراه أولئك السفهاءُ والتافهون الذين يمجِّدُون موقفًا تافهًا لممثِّلٍ تافهٍ، رغم أنَّ انسحابه من موسم الرياض ربما يكون له أسباب أخرى، أو أنَّه أراد به الظهور والنجوميَّة، كما يفعل كثير من السفهاء، رجالًا ونساءً ممَّن وجدوا في وسائل التَّواصل وسيلة سريعة للانتشار، ووجدوا -أيضًا- في مهاجمة وسبِّ وقذف دولة كبيرة آمنة مطمئنة، بحكمة قيادتها، ومواقفها المشرِّفة في المحافل الدوليَّة لنصرة القضايا العربيَّة طريقًا سريعًا للنجوميَّة، لكنَّه -للأسف- يشبه الصعود إلى الهاوية!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store