Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

لعنة الوجود الإسرائيلي وغياب الوحدة العربية..!

A A
من الصَّعبِ جدًّا التَّعامل مع أزمة غزَّة الرَّاهنة، التي حلَّت بالعالم العربيِّ، وشدَّت إليها أنظار العالم، بدون الرجوع إلى التَّاريخ، وأساس ما يعيشه العالم العربي أوَّلًا، والعالم بأسره من أزمة ضميرٍ إنسانيٍّ تغيبُ أحيانًا وتظهرُ أحيانَ أُخْرَى. وبعد كلِّ أزمة عندما تتوقَّف آلاتُ الحرب والدمار، لا يبقى إلَّا المرارةُ وشدِّةُ الغَبْنِ ونشوةُ الانتصارِ؛ حتَّى وإنْ كانَ المنتصرُ يعيش عقابًا نفسيًّا داخليًّا لا يستطيعُ التخلُّص منه، ويخلِّفه للجيل الذي بعده، وفي الطرفين العربي واليهودي أزمةُ ضميرٍ وخوفٍ وكُرهٍ، والإصرار على الانتقام.

الطرف الصهيونيُّ لديه مشروعٌ يستند لمبررات واهية، وغير مقبولة؛ لأنَّه قرَّر أنْ ينفِّذَ مشروعه على حساب الشعب الفلسطينيِّ أيًّا كانت الوسيلة التي يعتمدها، مستندًا على دعمٍ مطلقٍ ومُعلنٍ من الدول الأوروبيَّة، والولايات المتَّحدة الأمريكيَّة.. أوروبا لأنَّها ضاقت ذرعًا بالمشكلة اليهوديَّة، وقرَّرت -بالإجماع- ترحيلها إلى مكان آخر؛ لتضربَ عصفورين بحجرٍ واحدٍ كما يقول المثل، تخلص من مشكلات داخليَّة عنصريَّة المتمثِّلة في كُره اليهود، وزرع عميل موثوق لها، ويعتمد وجوده عليها في منطقة الشرق الأوسط، التي لا يمكنها الاستغناء عنها، خاصَّةً بعد اكتشاف البترول.. وأصبح المصدر الرئيس الأوَّل للطَّاقة التي تشكِّل عصب الحياة في العالم بأسْرِهِ.

بدأت (الطبخةُ) في مدينةِ بازل بسويسرا، بتاريخ ١٨٧٩م من القرن التاسع عشر، وتم تنفيذها بوعد بلفور وزير خارجيَّة بريطانيا العُظمَى في 1917م، عندما كانت فلسطين تحت وصايتها. وفي عام 1948م أصبح لليهودِ دولة.. إسرائيل عضو في الأمم المتَّحدة..! وبعد ذلك أصبحت الدولة الصهيونيَّة مصدرًا للحروب والأزمات في المنطقة العربيَّة، استنزفت الأموالَ، وعطَّلت مشروعات التنمية، وفرَّقت بين العرب مجتمعات ودول، وفي عالم السياسة الضعيف بدون حليف قويٍّ لا مجال لنجاحه، وحركات التَّحرُّر من الاستعمار شاهدٌ على ذلك في فيتنام والجزائر وجنوب إفريقيا والقائمة تطول.

الحربُ الجاريةُ في قطاع غزَّة منذُ السابع من شهر أكتوبر الماضي، أكبرُ دليل على الدعم المُطلق الذي تلقاه إسرائيل من أمريكا وحلفائها في الغرب، حشدٌ من القواتِ بشتَّى أنواعها لمحاربة مقاومة حماس، وأيًّا كانت الأسباب لا يوجد مبرر لوحشيَّة الحرب على المدنيين، والبنية التحتيَّة في قطاع غزَّة، الذي يسكنه مليونان وثلاثمئة ألف من البشر، والمتضرِّر الأكبر في تلك الحرب الأطفالُ والنساءُ وكبارُ السنِّ، والمشاهد البشعة تعرض على العالم الذي تمتلئ شوارع عواصمه بالملايين المتظاهرين المحتجِّين على الحرب، ومطالبين بوقْفِها لأسباب إنسانيَّة. والحكومات لا ترى إلَّا أحقيَّة إسرائيل في الدِّفاع عن نفسها بكلِّ الوسائل، ومهما كانت الجرائم التي يرتكبها الكيانُ الصهيونيُّ.!

وفي الختام.. إنَّها لعنةُ الوجود الإسرائيلي التي حلَّت على العرب، وتفرُّق العرب شعوبًا وقبائلَ وعجزُهم عن مقابلة تلك اللعنةِ الإجراميَّةِ العنصريَّةِ التوسعيَّةِ المصنوعةِ في القارَّة الأوروبيَّة، وتم تصديرها إلى فلسطين.

فحقًّا لقد جاوزَ الظالمُونَ المدَى، ولا في الأفقِ حلٌّ أو نجدةٌ لأطفالِ غزَّة..! فأين المفرُّ؟!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store