وأضاف: "يُحسب للمهرجان تقديمه لمجموعة من التفعيلات الفنيَّة والثقافيَّة، التي جمعت كلَّ ما يتعلَّق بحياة البحَّارة، ومنها مسرحيَّة "دانة يا نهَّام" التي جسَّدت أهم الشخصيَّات التي تعمل على ظهر سُفن الغوص، ومنها "النوخذة" أي ربَّان السفينة، و"الغيص" الذي يقوم بالغوص في أعماق البحر بحثًا عن اللؤلؤ، و"السيب" ومهمَّته هي سحب الغواص عندما يتلقى إشارة منه عن طريق حبلٍ يُربط بينهما، وهو ما جعل القدماء يقولون في الأمثال الشعبيَّة "ما غاص غيص، إلَّا وراه سيب"، وذلك نظرًا لارتباط المهنتين الوثيق في إتمام العمليَّة بشكل مثالي بدون أنْ يتعرَّض الغوَّاص لخطر الغرق، وهناك أيضًا "المقدِّمي" وهو رئيس البحَّارة ونائب النوخذة، فيما يقوم "المفلق" بفتح المحار بحثًا عن اللؤلؤ في عمليَّة تُسمَّى التفليق، باستخدام أداة هي عبارة عن مقبض خشبي تعلوه سكِّينة معقوفة الرأس، إضافة للطبَّاخ الذي يهتم بتجهيز الطعام للطاقم، ولا ننسى "النهَّام" وهو الشخصيَّة الرئيسة لهذا المهرجان".
وتابع: "من أشهر نواخذة المنطقة الشرقيَّة النوخذة محمد الخريدة من مدينة سيهات، حيث كان يمتلك أكبر سفينة غوص في المنطقة واسمها "الطويلة"، وقد اشتهر على مستوى الخليج العربي نظرًا لما قدَّمه من خدمات جليلة للغوَّاصين وملَّاحي السفن خلال الحادثة الشهيرة "سنة الطبعة" عندما هبَّت عواصف عاتية تسبَّبت في تحطُّم وغرق الكثير من السفن، فيما قام النوخذة الخريدة بإنقاذ وانتشال العديد من بحَّارة المنطقة الشرقيَّة من وسط البحر، وأيضًا هناك نواخذة عائلة البنعلي من دارين، ومنهم إبراهيم بن راشد، وأحمد بن عيسى، وأحمد بن مقبل".
وعن أشهر النهَّامين أشار الباحث آل محسن أنَّ المنطقة كانت تزخر بأسماء عديدة اشتهرت بقوَّة الصوت وجماله، ومنهم سلطان فرحان البوعنين، وحسن بوعلي الدوسري، ومصبح، وبلال بركة، وإسماعيل بو علوص، ومن دارين: يوسف الخليل، وناصر بن عبدالعزيز، وأمان ياقوت، وخليفة أبو عبكل، ومن سيهات علي الصليل، وغضبان آل محفوظ، وعبدالله سواد، وعلي المشامع، ومنصور الخير، وغيرهم الكثير ممَّن شدُّوا أزْر بحَّارة كانوا يكافحون لتوفير لقمة العيش لأسرهم وسط أصعب الظروف.
يُذكر أنَّ مهرجان النهَّام يأتي ضمن جهود هيئة المسرح والفنون الأدائيَّة في إثراء الحِراك الثقافي في المملكة، وترسيخ حضور الفنون الأصيلة في المشهد الثقافي، كما يعكس حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفهِ أحد أهدافها الإستراتيجيَّة تحت مظلَّة رؤية السعوديَّة 2030، ومدِّ جسور التواصل الثقافي عبر تسليط الضوء على الأواصر المشتركة بين المملكة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربي.