Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د.ساري بن محمد الزهراني

خطاب الصورة.. والمنجزات الموهومة..!!

سديم

A A
* منذ أنْ ظهرت الصور على مستوى الإعلام التقليديِّ؛ كان حينها الإعلام هو المصدر الأوحد والوسيلة الإخباريَّة في أكثر الحالات، ومع ذلك؛ فقد لا يكون لـ(الصورة) أيُّ معنى ما لم يصاحبها خبرٌ، أو تقريرٌ، أو تصريحٌ، أو حوارٌ؛ وكثيرًا -وحال هكذا- ما يعلو سقف الصحَّة فيما تنشره.

* واليوم؛ وقد تجاوز العالم طور الإعلام التقليديِّ بمراحل، مع اعتقادي بمصداقيَّته في الكثير من المنشور، وذلك بدنو سقف الكذب والتَّزوير فيما يبثه إلى الآن؛ غير أنَّ الاحتكام إلى مصدر واحد أوحد للمعلومة بات (اليوم) في حكم المستحيل، الأمر الذي أتاح للجميع فائضًا ممتازًا من أدوات التَّواصل الاجتماعيِّ والإعلاميِّ على حدٍّ سواء؛ فهناك شبكة عريضة يمكنها أنْ تراهن على مصداقيَّة ما ترسله؛ غير أنَّ معيار المصداقيَّة بات هو الآخر بعيدًا في أكثر الأحايين.

* فعلى قدر نجاعة ما تقدِّمه تلك الوسائل الحديثة بتعدُّد منافذها، واختلاف بثوثها للجمهور؛ فضلًا عن سرعة رواجها وانتشارها وتناقلها، إلَّا أنَّ بعض المسؤولين في بعض الجهات الخدميَّة تحوَّل من مسؤول يؤدِّي الأمانة، ويقوم بالواجب إلى (إعلاميٍّ) يبحثُ عن الشُّهرة، ويسعى نحو التَّرويج لحضوره باسم المنجز، سواء كان حقيقةً أو وهمًا، وتحت ذراع ما كُلِّف به من مسؤوليَّة وأمانة، إلى الدرجة التي استحالت تلك الأدوات الإعلاميَّة إلى هاجس للظهور، ووسواس للبروز، وذلك على حساب ما يقدِّمه، أو ما يجب أنْ يقدِّمه من خدمات للمواطنين.

* فحسابات كـ»إكس»، و»السناب»، و»الانستقرام»، وما شاكلَها من شبكات التَّواصل أدوات فعَّالة وناجعة؛ ولكنَّها قد تكون مضرَّةً ومضلِّلةً في الآن، كما قد تكون باهتةً وشاحبةً بعيدةً عن العمق والنَّفاسة، وسبيلًا نحو الدِّعاية الماسخة، والتَّهريج المكشوف، والتَّجهيل المفضوح؛ لأنَّ معيار المصداقيَّة فيها بات مرهونًا بما بعدها من سياقات، وكثيرًا -مع الأسف- ما تكون غائبةً أو مغيَّبةً...!!

* فليس كلُّ منشور -وإنْ رافقه صورةٌ، وكلُّ مقطع وما يصحبه من حركةٍ- مقطوعًا بصحَّته، مهما تكاثرت (الصور)، وتعدَّدت اتِّجاهاتها، وتنوَّعت زواياها، ومهما تزايدت أعدادُ المقاطع الحركيَّة وتضخَّمت؛ فهي في النهاية تبقى (صورةً)، ويبقى المقطعُ (حركةً)، فلن تزيدَ من سقوف المنجز على أرض الواقع، ولنْ تُعلي من مكانة أصحابها ما لم يكن هناك معايير محكومة من خارج الدَّائرة تقف على ما يُبث، وتختبر مَن ينشر.

* هناك فئةٌ من البشر أصبحوا علامةً فارقةً في بعض الجهات الرسميَّة بالظهور المقصود، والتَّباري في الإيعاز والتَّوجيه بتتابع (الصور)؛ حتَّى تحوَّل إلى أراجوز في عالم باتت فيه الصورة -غالبًا- عنوانًا من العناوين المُضحكة..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store