Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أحمد أسعد خليل

العناد !!

A A
منذ فترة، وأنا أحاول أن أكتب حول موضوع تعريف العناد، وماذا يعنيه، ولكن هذه المرة؛ قررتُ أن أُعاند نفسي وأخوض في هذا الموضوع وأبعاده، فالعناد من مصدر «عاند»، وكثير العناد؛ كثير الخلاف، وهو اللِّجَاجِ، وعنِدَ الشَّخص؛ أي خالف الحقَّ وردّه، وهو عارفٌ به، أو عنيد في خصومته حتى النهاية، وعنِدَ الشَّخصُ، عتا وطغى وتجاوز الحَدَّ في المعارضة، ولا يمكن التَّفاهم معه لأنّه يعنِد، ويرى بعض علماء النفس أن العناد هو حالة مِن التعبير عن الرفض للقيام بعملٍ ما، حتى لو كان مفيدًا، أو الانتهاء عن عمل ما وإن كان خاطئًا، والإصرار على ذلك وعدم التراجُع، مهما بُذلت محاولات للإقناع أو حتى الإكراه والقسْر، ويعرف بعض القادة والإداريين مصطلح العناد بأنه صفة تُطلَق على كل مَن يمتلك رأياً أو موقفاً ثابتاً، يرفض تغييره بسهولة، ويصر على القيام بالأمور التي يراها مناسبة، ويمتلك عزيمةً وإصراراً ليُحقِّق أهدافه، ويتخذ القرارات التي يريدها بحزم ودون تردُّد، وغالباً ما يرى الإنسان العنيد نفسه على صواب في أي قرار يتخذه، أو فعل يقوم به، بغض النظر عما يراه الآخرون من حوله، وفي معظم الأحيان لا يستجيب لما يُطلب منه القيام به، ويتحمَّل مسؤولية كل فعل يقوم به.

والسؤال هنا لك عزيزي القارئ والقارئة: هل كل شخص يوجد لديه جزء من حالة العناد؟، وهل هناك عناد إيجابي أو عناد سلبي؟، وهل العناد يُحقِّق الأهداف؟.

باعتقادي كلٌّ منَّا لديه جزء من حالات العناد المختلفة نسبياً، تبدأ منذ الطفولة، وتمتد مع تكوين الشخصية والعوامل المحيطة والمؤثرة بها، ويمكنها أن تستمر مدة طويلة، ويمكن أيضاً التغلب عليها متى ما اعترف الشخص بوجود هذه الحالة لديه.

العناد الإيجابيٌّ، هو تعبير عن التمسُّك بالحق، وقِيَم العدل، ومُقتضيات العِلم والصلابة، في مواجهة الباطل ومُقاوَمة الظلم والانحراف، ومتى كان هذا المعنى واضحًا جليًّا مصحوبًا بدقة الفهم، وسلامة القصد، وصحَّة وشرعية الوسائل المستخدمة في ذلك، كان واضحاً للجميع.

أما العناد السلبي، هو الذي يقاوم الحق ويجحد الحقائق، يصر صاحبه على التمادي في الإثم والغي والعدوان على مقتضيات العقل؛ والحكمة والمنطق والموضوعية، مهما بذل معه مِن محاولات الإقناع أو الحوار، وكثيراً ما يرفض الحلول والبدائل، حتى التقارب والحلول الوسط، وهذا النوع قد يكون عناداً عقلياً، وهو ناتج عن غياب المعلومات والأحداث والوقائع والدلائل، أو عناداً نفسياً، وهو الأعم الأغلب، والعناد هنا لا يقوم على منطق، ولا يسانده دليل ولا حجة، بل هو نزعة عدوانية، وسلوك سلبي، وتمرّد ضد الآخَرين مهما كانت علاقة المعاند بهم، تظهر معه إرادة المخالفة والتصادم؛ وعدم الاستجابة للنصْح والتوجيه.

وعن دور العناد في تحقيق الأهداف، ترتبط بصفات العنيد التي يتسم بها الشخص؛ الذي يريد تحقيق أهدافه، وكما هو معروف؛ فإن الإنسان العنيد لن يقف عند حدٍّ معين، وسوف يستمر ببذل الجهد، كما أن صفة العناد تعطي رغبة قوية ومستمرة في الاستمرار؛ رغم كل الصعوبات والمعيقات، لا يتخلى الإنسان الذي تدفعه صفة العناد عن المثابرة من أجل تحقيق هدفه بأفضل نتائج ممكنة، رغم كل ما يمر به من ظروفٍ صعبة، ويستطيع الإنسان الذي يمتلك صفة العناد أن يضع الخطط ويقوم بالتخطيط طوال الوقت، ويستمر في التجربة حتى لو فشلت الكثير من المحاولات، لأن صفة العناد تعطي صاحبها حب التحدي، ليُجرِّب كل ما هو جديد من خطط وطرق، ولن يستسلم، وسيبقى الإنسان العنيد مصمماً حتى يصل إلى هدفه.

(أي نوع من العناد نمتلك، وإلى أي مدى تريد أن تصل به).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store