يقول ابن خلدون في مقدِّمته إنَّ حياة الدُّول تمرُّ بعدَّة تطوُّرات سياسيَّة واقتصاديَّة واجتماعيَّة تتضمَّن خمسة أطوار هي: طور الظَّفر، ثمَّ طور الانفراد، ثمَّ طور المجد، ثمَّ طور الفراغ والدعة، ثمَّ طور القنوع والمسالمة، ثمَّ طور الإسراف والتبذير.
وهذا الوصف يتمثَّل في صورة المنحنى الاعتداليِّ الذي يتمثَّل في البداية ثم الصعود للقمَّة ثمَّ الانحدار للنهاية، ولو استلهمنا حال الدُّول الماضية التي دوَّن اسمها التَّاريخ منذ عصر التَّكوين وحتَّى يومنا هذا لوجدناها كذلك، ولعلَّ هذا يعطينا الصورة المحتملة مستقبلًا للولايات المتَّحدة الأمريكيَّة التي بلغ عمرها الآن 256 عامًا، وحتمًا أنَّها ستدخل مرحلة الضَّعف والانحدار بعد أنْ بلغت عصر القمَّة في التطور وحجم السيطرة، وهنا يستوجب علينا أخذ ذلك في الاعتبار ومحاولة الإعداد لعلاقاتنا المستقبليَّة مع الدول الكُبْرَى الأُخْرَى التي تعيش مرحلة الصعود إلى القمَّة، والمؤشرات الثابتة تقول إنَّها دولتا الصين وروسيا، وبما أنَّ كلَّ العوامل تقول إنَّ بلادنا الحبيبة تعيش قفزات متنامية ومتسارعة في ظلِّ قيادتنا الحكيمة التي أثبتت للعالم أنَّها قادمة وبقوَّة، وبما أنَّ الله تعالى قد وهب هذه البلاد المقدَّسة الكثير من متطلَّبات النمو كالثَّروات العظيمة في باطن الأرض وعلى ظهرها، ومنحها الشعب العظيم الشغوف إلى بلوغ القمم والتقدُّم والنمو ومنحها الموقع الإستراتيجي الذي يجعلها قادرةً على التحكُّم في مسارات الاقتصاد العالمي، وقبل ذلك كله جعلها المكان المقدَّس لكلِّ مسلم على وجه الأرض بوجود بيت الله تعالى، ووجود قبر سيِّد البشر -عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم-.
ولعلَّ المؤشرات التي نلمسها ويلمسها العالم من حولنا تقول إنَّ المملكة العربية السعودية ستكون قريباً ضمن الدول المتقدمة في مختلف المناحي الحياتية، بعد أن قيض الله لحكمها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والقائد الشاب العظيم محمد بن سلمان الذي يسابق الزمن لتحقيق تطلعاته المدونة في خطته الطموحة 2030 التي يعدُّ عرابها.. وبما أنَّ المقولة العلميَّة تقول: إنَّ المقدِّمات تدلُّ على النتائج، فإنَّ المقدِّمات التنمويَّة لدينا تقول إنَّ مكان المملكة سيكون قريبًا ضمن الدُّول المتقدِّمة.. والله من وراء القصد.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
