Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

أمريكا وإسرائيل..!

A A
العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية المكونة من خمسين ولاية فريدة من نوعها منذ أن تأسست الدولة العبرية على أسس غير شرعية بعد أن تسلمت أمريكا ملف مجموعة من المهاجرين الصهاينة المجرمين والمنبوذين والمطرودين من أوروبا وجعلت من تلك المجموعة الابن غير الشرعي المفضل في داخل أمريكا وخارجها.. ومع مرور الوقت تغلغل النفوذ اليهودي الصهيوني في كل مفاصل الولايات المتحدة الأمريكية التي ولدت هي الأخرى من رحم الأمبراطورية البريطانية العظمى بعد حرب طاحنة نتج عنها دستور مثالي يعد نموذجيًا بين دساتير الأمم الوضعية وأصبحت أمريكا كياناً فدراليا مكوناً من خمسين ولاية وإدارة مركزية مكونة من مجلسي نواب وشيوخ ومحكمة عليا وجيش ورئيس منتخب لمدة أربع سنوات يمكن إعادة انتخابه لفترة أخرى بصلاحيات محددة في الدستور.. وموازنة وعلاقات خارجية موحدة.

ومع مرور الوقت تغلغل النفوذ الصهيوني في كل مفاصل الإعلام والتعليم والاقتصاد والجيش والقضاء حتى أصبح النفوذ الصهيوني دولة داخل دولة.. بمثابة دولة عميقة.. يصعب التخلص منها إلا بثورة تصحيحية تفكك النظام الامريكي الفدرالي وتقضي على النفوذ الصهيوني ويرى الباحثون وخبراء القانون استحالة ذلك لأنهم في كل مكان -وبقوة- ويتطلب استئصالها حرب أهلية طاحنة على غرار الثورة الأمريكية التي نتج عنها النظام الفدرالي والدستور الأمريكي. وبرغم تلك العلاقة العميقة المجسدة في كل مفاصل مؤسسات الولايات المتحدة الأمريكية فإن كره اليهود في المجتمع الأمريكي عميق.. والرعب منه موجود.. ولكن الحماية لهم موجودة أيضًا وطاغية بقوة النظام! ولا يخفى على الانتلجنسيا في داخل أمريكا وخارجها في أوروبا على وجه الخصوص التي تعلم أن الوجود الصهيوني والدعم المفرط الذي يتلقاه من أمريكا وحلفائها يهدد السلم العالمي لأن الإدارات الأمريكية المتعاقبة أصبحت أسيرة لفئة تدوس على كل القيم والمبادئ الإنسانية والقانون والقرارات الدولية من أجل دعم وحماية إسرائيل وجعلها فوق القانون تتمادى في تمردها حتى أصبحت دولة مارقة ومنبوذة من الأغلبية الساحقة من دول ومجتمعات العالم وما تفعله بالشعب الفلسطيني منذ تأسيسها أكبر دليل على ذلك.

وخلاصة القول أن الطريقة الوحيدة لتحجيم النفوذ والتمرد الصهيوني وإدانة العدوان والجرائم التي ترتكبها في غزة هو استيقاظ الضمير الإنساني العالمي في كل الدول ومقاطعة أمريكا وكل حلفاء ومؤيدي الكيان الصهيوني حتى تنكشف وتصبح دولة منبوذة بحق مثلما كان الحال في دولة جنوب أفريقيا العنصرية حتى استسلم العنصريون وأفرج عن نلسن مانديلا وأصبح رئيسًا لجنوب أفريقيا.

وفي كل الحروب تقاس النتائج بالخواتيم معنوية ومادية.. القريبة وبعيدة المدى. الحرب على غزة مدمرة ماديًا وإنسانياً ولكن المقاومة حققت انتصارات معنوية غير مسبوقة وكشفت القناع عن وجه أمريكا ووضعت النظام العالمي في حرج لا مثيل له مسجلة بداية النهاية لقيادة الولايات المتحدة الأمريكية راعية نظام ما بعد الحرب الكونية الثانية والمتعهد الحصري للظلم.

فعلت ذلك في فيتنام والعراق وأفغانستان وفلسطين وأخيرًا أصبحت غزة مربط الفرس وهزيمة أسطورة إسرائيل وجيشها الذي لا يقهر.

وأيًا كانت النتيجة فإن هزيمة أمريكا ومن والاها معنويًا ستكون بداية النهاية لعهد القرن الأمريكي والصين ستكون المرشح القادم لقيادة العالم.. ومعادلة تحمل الأعباء ستتغير وهذا الذي فعلته الصهيونية بأمريكا والدول العظمى الحليفة لها.

وبرغم الألم والدمار فإن بوادر الفشل الصهيوني وانكشاف الدعم الأعمى لها دليل على أن الوضع لن يكون كما كان وأن خططهم ستفشل والقبول لهم في العالم لم يعد بالإمكان تمريره حتى وإن استسلمت إسرائيل لحل الدولتين فإنهم مرفوضون بعد الجرائم التي ارتكبوها في غزة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store