القتل.. بحثاً عن الشهرة!

* أخطر ما في (الخرافة)، هو أنها تستطيع التشكُّل والتحوّل واستخدام أحدث التقنيات للخديعة والنفاذ للعقول.. هل لاحظت كيف تمتطي كثير من الخرافات وسائل التواصل لتصل لعقولنا بطريقة سريعة وأكثر حداثة وعصرية؟!.. هل لفت نظرك مثلاً الرواج الهائل لبعض (الوصفات العشبية) التي يقسم مروّجوها على صحتها،

طالبين منك نشرها على نطاق أوسع، والكثيرون للأسف يقومون بهذا العمل اعتقاداً منهم أنهم يُحسنون صنعاً؟!.

* يروي أحد الأصدقاء أن شقيقه أصبح في وضع صحي حرج بعد استخدامه لوصفة (إنترنتية) مكوَّنة من مسحوق «نوى التمر» مع «قشر الرمان» و(خرابيط) أخرى لفترة طويلة، بعد أن توهّم أن وضع معدته قد تحسَّن، مما أثر بشكل كبير على معظم وظائف أعضائه الحيوية!. تختلف دوافع مروّجي الوصفات وأهدافهم، فالأغلبية منهم أُناسٌ (حسنو النية)؛ يتوهّمون أنهم وقعوا على ما لم يكتشفه أحد قبلهم، فيعمّمون تجاربهم المحدودة التي لم تأخذ حقها من الدراسة والتجربة.. القسم الثاني هم طالبو شهرة على الإنترنت، وهؤلاء همّهم الأول هو كسب المشاهدات و(اللايكات) ولو على حساب الناس وحياتهم.. أما القسم الثالث فهم نصَّابون ولصوص يقتاتون على هذه الوصفات، وهم الأخطر لأن كثيراً منهم يخلط عقاقير طبية بكميات غير محسوبة مع أعشاب ثم يُصدّرها للناس بمبالغٍ ضخمة، على أنها أدوية لأمراض مزمنة، عجز الطب عن علاجها، مثل الصرع والسكري وغيره، فتكون النتيجة مدمرة في الغالب.

* الكارثة أن كل الأصناف الثلاثة من مروّجي الخلطات القاتلة، يستغلون قناعة شائعة في مجتمعاتنا العربية تقول: بأن الأعشاب إن لم تنفع فإنها لا تضر، وهذا خطأ بالتأكيد، فالأعشاب تحوي عناصر كيميائية لها مضارها الكبيرة، خصوصاً إن اختلطت وتفاعلت.. والكارثة الأكبر أن الكثيرين يعتقدون أن كل ما يأتي من العطارة ومن الكتب القديمة هو (طب نبوي) يجب احترامه، بل وتقديمه على الطب الحديث في حالة التعارض.. وهنا التسطيح والخطورة.

* إن السرعة التي باتت تنتشر بها هذه الوصفات الضارة؛ تتطلب سرعة بالمقابل من الجهات المعنية لإيقافها، بل وتجريمها ومعاقبة كل مَن يضع وصفة علاجية على وسائل التواصل دون الحصول على موافقة من هيئة الغذاء والدواء، أو وزارة الصحة. فمسؤولية الوزارة - أي وزارة – لا تقف عند حدود تقديم الخدمات، بل تتعدَّى إلى تهيئة المناخ الاجتماعي المناسب لتفعيل وإنجاح خدماتها، ومحاربة كل ما يتعارض أو يُقلِّل من تأثير هذه الخدمات، خصوصاً وزارة الصحة التي يجب عليها التدخل العاجل والفوري لإيقاف القتل طلباً الشهرة؛ من الذين يبدو أنهم قد أمنوا العقوبة إلى الحد الذي باتوا معه لا يخشون تصوير وتوثيق جرائمهم، ونشرها على عينك يا تاجر.