التخطيط لمرحلة التقاعد..!

في جلسة حوار مع شابٍّ في مقتبل العمر، حصل على تعليمٍ عالٍ، وأصبح موظَّفًا في منصبٍ مرموقٍ، براتبٍ مريحٍ ومستقبلٍ واعدٍ.. وأثناء الحديث عن الكثير من هموم الحياة والمجتمع، مثل: البطالة، وتكاليف المعيشة، والزَّواج، والإنجاب، وتربية الأطفال، والمعاناة من قلَّة راتب التَّقاعد؛ للوفاء بمتطلَّبات الحياة بعد التَّقاعد مثل: العلاج، وارتفاع الأسعار، وفواتير الماء والكهرباء والاتصالات، ووسيلة النَّقل والمحروقات، وراتب السَّائق والشغَّالة.. كلُّ هذه الأمور ضرورياتٌ لا مفرَّ منها.

وانتقل الحديثُ إلى ذوي الدَّخل المحدود من المجتمع الذين يعيشون على الضمان الاجتماعيِّ، والمتقاعدين من وظائف كانوا شاغليها يحصلون على علاوات تحفيز مكمِّلة للرَّاتب.. تعوَّدوا على مستوى صرف معيَّن، وبعد التَّقاعد يتوقَّف صرف تلك العلاوات، وينقص الدَّخل إلى النِّصف، أو أقل، والاهتمامات تزيد ما تنقص.

وبذكاءٍ لافتٍ قال: تلك الشَّريحة كانت على علمٍ بذلك، وكان عليها التَّخطيط للتَّقاعد ومتطلَّباته في وقتٍ مبكِّرٍ، واستمرَّ في الحديث عن مصايد الدِّيون من البنوك، ومغريات التَّسهيلات للصَّرف بدون حساب لعواقب عدم التَّخطيط الماليِّ حسب الأهميَّة والحاجة والإمكانيَّات.. وذكرتُ له برنامج أرامكو، الذي يشجِّع ويحثُّ موظَّفيه على الادِّخار من الرَّاتب الشهريِّ بنسبة وبمرونة ميسَّرة؛ حتَّى يحصل الموظَّف على مبلغ محترم عند التَّقاعد. ومع الأسف لم تُعمَّم تلك الآليَّة، ولم يستفد منها إلَّا موظف أرامكو الملتزم.

توسَّعنا في الحوار إلى مبدأ الزَّواج المبكِّر وفوائده التي أهمها الاستقرار والإنجاب، وتربية الأطفال، والإشراف على تعليمهم، وأكَّدتُ أنَّ ذلك من أهمِّ أركان التَّخطيط للتَّقاعد في المجتمع المسلم، الذي يُعدُّ فيه التَّكافل الأسريُّ، وصِلَةُ الرَّحم من الواجبات المفروضة، والموروث أبًّا عن جدٍّ.

واستمرَّ الحديثُ عن تكاليف الزَّواج، وعمل المرأة الذي خلق لها هامشًا كبيرًا من الاستقلاليَّة، وكذلك عزوف بعض الشَّباب عن الزَّواج، وارتفاع نسبة الطَّلاق..! وبالعودة إلى عنوان المقال «التَّخطيط المبكِّر للتَّقاعد» أكَّدتُ أنَّ التَّخطيط يجبُ أنْ يكونَ شاملًا.. تعليمًا وبحثًا عن وظيفة مناسبة، وزواجًا وإنجابًا وتربيةً في حضن أسرة مستقرَّة للجنسين (أولاد وبنات، وآباء وأمهات) وخلاف ذلك سيكون ضياعًا وندمًا فيما بعد. وحتَّى لا يقع الشَّخص في مصيدة الدِّيون، وضياع الوقت، وفرص النَّجاح.. والله الموفِّق والمدبِّر من قبل ومن بعد.