Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

يا أهل العمل هكذا أتعامل مع الفشل.!

الحبر الأصفر

A A
أعدُّ نفسِي من العشرةِ الأوائل في مادَّةِ الفشل، لذلك سأتحدَّثُ اليومَ عن كيفيَّة التَّعامل مع الفشل، أوَّلًا من خلال خبرتِي، وثانيًا من خلال قراءاتِي، فقد صدر حتَّى ساعة كتابة هذا المقال أكثر من 50 كتابًا، قرأتُ منها 20، ثمَّ توقَّفتُ عن قراءة الباقي؛ لأنَّ المضمونَ أصبح متكرِّرًا.

إنَّ 80% من مضمون هذِهِ الكُتب لا يحتاجُه الإنسانُ، وكلُّ ما يحتاجُه هو 20%، تلك التي تعلِّمُه كيف يخرجُ من دائرةِ الفشلِ التي يمرُّ بها، أمَّا الباقي فهو زيادةٌ مكرَّرةٌ.

لقد أطلقتُ منذُ سنة هاشتاقًا بعنوان #العلم_نقطة، وهو جزءٌ من عبارة لعليٍّ بن أبي طالب يقول فيها: «العلمُ نقطةٌ كثَّرهَا الجاهلُونَ»، وهذه المقولةُ تنطبقُ على كلِّ مناحي الحياة، وهي أنَّ العلمَ يسيرُ سهلًا وبسيطًا، لكنَّ النَّاس جعلُوه صعبًا وطويلًا وعسيرًا، حتَّى الإسلام، تمَّ تطويله وتعقيده. وقد كانَ العربيُّ يأتي ويسأل الرَّسولَ -صلَّى اللهُ وعليه وسلَّم- عن الإسلام، فيخبرُهُ في جملٍ محدودةٍ، ثمَّ يذهبُ الأعرابيُّ وهو ملمٌّ بالإجابةِ، وهذا المرادُ بمقولةِ عليٍّ #العلم_نقطة.

إنَّ الميادين التي يفشلُ فيها الإنسانُ كثيرةٌ، ولكنَّ أبرزهَا ما يلي:

١- الفشلُ في الحصول على وظيفة.

٢- الفشلُ في الزَّواج.

٣- الفشلُ في إدارة المال.

٤- الفشلُ في مشروعٍ من مشروعات الحياة، مثل تخفيف الوزنِ، أو التخلُّص من عادةٍ قبيحةٍ... إلخ.

إنَّني أستطيعُ اختصارَ كُتب التَّعامل مع الفشل في هذِهِ الخطواتِ الأربع، يمكنُ أنْ تُطبَّق على الميادين التي ذكرتُ، وهي على النحوِّ التَّالي:

١- عندمَا تفشلُ تمسَّك بالرُّوح الرياضيَّةِ والمرونةِ، واعلمْ أنَّ الفشلَ محطةُ تدريبٍ للنَّجاح، وإذا أردتَ أنْ تتأكَّد، فشاهد الطِّفل الذي يحاولُ المشيَ، إنَّه يسقطُ عدَّة مرَّات، ثُمَّ ينجحُ في النهاية، وضع في حسابِكَ أنَّ الحياةَ يومٌ لكَ ويومٌ عليكَ، واعلمْ أنَّه من المستحيل أنْ ينجحَ الإنسانُ في كلِّ شيءٍ.

٢- كرِّر المحاولةَ التي فشلتَ فيهَا بعد أنْ تزيدَ من جرعةِ التَّدريب والمهارةِ، وقد قالَ «تشرشل»: «النَّجاحُ هُو أنْ تنتقلَ من فشلٍ إلى آخرَ دونَ أنْ تفقدَ حماسَكَ».

٣- توقَّع الجيِّد والأسوأ، ولكنْ متى؟ وهنا لابُدَّ من التَّفصيل فمثلًا: قبل المقابلةِ، أو الامتحانِ، أو الدُّخول في مشروعٍ، توقَّع التَّوفيقَ والنَّجاحَ، وأعزم على ذلك، وإذا خرجتَ من قاعةِ الامتحانِ أو المقابلةِ، وقد أدَّيتَ كلَّ ما عليكَ، فافتح بابَ الاحتمالاتِ الكثيرةِ ما بين النَّجاحِ والفشلِ.

٤- افهمْ مكوِّنات الفشلِ من خلالِ العناصرِ التَّالية:

أوَّلًا: إنَّ كلَّ فشلٍ مؤقَّتٌ وعابرٌ، وليسَ ثابتًا، فأنتَ تفشلُ في محطَّة وتغادرهَا بعد أنْ تعلَّمتَ منها.

ثانيًا: إنَّ كلَّ فشلٍ محدودٌ، وأنتَ إذَا فشلتَ في جانبٍ، فإنَّكَ قد نجحتَ في الجوانبِ الأُخْرَى من حياتِكَ.

ثالثًا: إنَّ كلَّ فشلٍ يمكنُ مسحَهُ من الذَّاكرةِ وتعويضه بنجاحٍ، ولا يتمُّ ذلكَ إلَّا برفع المهارات، وزيادة جُرعة التَّدريبات، ومثال ذلك: إنَّ أحدَ الطُّلاب دخل امتحان التُّوفل، ثمَّ فشل في النَّجاح، بعدها زادَ من التَّمارين والجُرعة اللُّغويَّة، ثمَّ دخل وتفوَّق، وما ينطبقُ على الفشلِ ينطبقُ على الحزنِ، إنَّه عابرٌ وزائرٌ، لا يمكثُ طويلًا، ولكنَّ الضعفاءَ -وحدَهم- هُم الذين يثْبِتُون لحظةَ الفشلِ لتستمرَّ معهم طوالَ الوقتِ.

حسنًا ماذا بقِيَ:

بقيَ القولُ: إيَّاكَ.. إيَّاكَ أنْ تستسلمَ للحظةِ الفشلِ، بل اعتبرهَا محطَّةً ستقفزُ منهَا إلى النَّجاح، ثمَّ تصبح محطَّة الفشلِ ذكرَى تقصُّها على أصحابِكَ بكلِّ سعادةٍ، أو ذكرى يبتلعُهَا النِّسيانُ.

ولقدْ صدقَ الأديبُ الكبيرُ «يحيى حقي» حين قال في كتابه «سارق الكحل»:

«وأقسمتُ في سِرِّي ألَّا أحزنَ علَى شيءٍ أبدًا

مَا دامَ كلُّ حُزنٍ ما لَهُ في هذِهِ الدُّنيا إلَّا النِّسيانُ».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store