Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

تعصيبة جون كيربي..!!

بضاعة مزجاة

A A
مثلُ غيري حولَ العالم، أتابعُ المؤتمراتِ واللقاءاتِ الإعلاميَّة التي يُجريها المتحدِّثُون الرَّسميُّون لأهمِّ وأقوى دولةٍ في العالم، ألَا وهي -بالطبع- أمريكا، سواء للبيت الأبيض، أو وزارة الخارجيَّة، أو وزارة الدِّفاع، وأجدهم كلَّهم مثقَّفِينَ ويتحدَّثُون بميزانٍ دقيقٍ ومحسوبٍ من الكلمات؛ كي لا يُؤاخذُوا على ما يقولُونَ ويتلفَّظُونَ!.

ومن هؤلاء المتحدِّثين جون كيربي، وهو المتحدِّثُ الرسميُّ للبيت الأبيض، ويهوديٌّ للنُّخاعِ، ومُناصِرٌ كبيرٌ لإسرائيل فيما تفعله من فظائع، حتَّى لو كانت جرائمَ حربٍ تقترفها تجاه الفلسطينيِّين في غزَّة المنكوبة!.

في السَّابع من أكتوبر الماضي، وبعدَ هجومِ «حماس» على مستعمراتِ غلافِ غزَّة اليهوديَّة، أشاعت إسرائيلُ أنَّ الفلسطينيِّين المهاجمِين اغتصبُوا النِّساء، وقطعُوا رؤوسَ الأطفالِ الإسرائيليِّين، فكان أوَّل مُصدِّقٍ بهذه الإشاعةِ التي ثبتَ لاحقًا عدم صحَّتها، هو كيربي، وظهرَ على شاشةِ قناة «CNN» وهو يبكي من الحُزن على الإسرائيليِّين، ويكتم صوته المتحشرج، وحتَّى تكتملَ الحبكةُ اعتذرَ للقناةِ عن بكائه، فأكملت القناةُ الحبكةَ نيابةً عنه بقولها إنَّه لا داعيَ للاعتذارِ، فهذه عاطفةٌ إنسانيَّةٌ نبيلةٌ من سعادتِهِ!.

وخلال مؤتمراتِهِ ولقاءاتِهِ بعدَ ذلك لم يحمِّل إسرائيلِ -ولو بمقدار ذرَّةٍ- جريرةَ ما قامت -وما زالت تقوم به- من فظائع تجاه المدنيِّين النِّساء والأطفال في غزَّة، وكان في خِضِمِّ ذلك رابطَ الجأشِ، ومتجرِّدًا من أيِّ شعور بشريٍّ، وكأنَّه روبوتٌ مصنوعٌ في وادي السيليكون الأمريكيِّ!.

وعندما بدأت محكمةُ العدلِ الدوليَّة النَّظر في القضيَّة التي رفعتها جنوبُ إفريقيا ضدَّ اسرائيل؛ لاقترافِهَا الإبادة الجماعيَّة، عصَّب كيربي لأوَّل مرَّة في حياتِهِ، وقال بلهجةٍ غير تقليديَّةٍ إنَّ مَن يقترفْ الإبادة الجماعيَّة هي «حماس» وليست «إسرائيل»، وإنَّ الجيشَ الإسرائيليَّ يتحلَّى بأخلاقِ حربٍ عاليةٍ، ولا يستيقظ أفراده في الصباح ليقولوا لبعضهم بعضًا: دعونَا نمحُو غزَّة من الخارطةِ، ومَن يفعلْ ذلك هُم الفلسطينيُّون الذين يريدُونَ محوَ إسرائيل من الوجودِ!.

وهكذا انقلبتْ مهنةُ المتحدِّث الرسميِّ للبيت الأبيض الأمريكيِّ إلى مهنةِ الدَّاعم الرسميِّ للاحتلالِ الإسرائيليِّ -عيني عينك!- شاء العالم أم أبى، ويا أمانَ الفلسطينيِّين الذين -فقطْ- يريدُونَ العيشَ في وطنِهِم سالمِينَ، وأحرارًا، ومُستقلِّينَ!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store