Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

محكمة العدل الدولية أمام تحدٍّ جسيم..!

A A
شهد العالمُ يوم الخميس الماضي مرافعةَ جمهوريَّةِ جنوب إفريقيا ضدَّ إسرائيل، وفي اليوم التَّالي الجمعة ردَّت إسرائيلُ على تلكَ المرافعةِ الموثَّقةِ بدقَّةٍ، والمدعومة بأدلَّةٍ دامغةٍ بالصَّوتِ والصُّورة لوقائع الحربِ الهمجيَّة على غزَّة، والمسندة بأدلَّةٍ ونُصوصٍ قانونيَّةٍ في بنود المعاهدة، ووقائع مصحوبة باستشهادات حالات مشابهة صدر فيها قراراتٌ من المحكمة نفسها.

الاتِّهامُ الموجَّه لإسرائيلَ بأنَّها ارتكبتْ عن عمدٍ وسابقِ إصرارٍ جرائمَ حربٍ وإبادةً جماعيَّةً في حقِّ شعب غزَّة خلال ثلاثة أشهر، وبتلك الأفعال لم تُراعِ القواعد القانونيَّة المنصوص عليها في المعاهداتِ الدوليَّةِ، ولم تُصغِ لقرارات الأمم المتَّحدة الصَّادرة من مجلس الأمن، والجمعيَّة العامَّة، ولم تُراعِ أيَّ ضوابط قانونيَّة لحقوق الإنسان.

معتبرةً أنَّ لها سلطةً مطلقةً تتصرَّف كيف تشاء!

جمهوريَّة جنوب إفريقيا تقدَّمت بالدَّعوى بناءً على مواد قانونيَّة بصفتها طرفًا في المعاهدة (Genocide CONVENTION) ومن حقِّ الأطراف في المعاهدة، وواجبًا عليها استخدامها وحمايتها عندما تتعرَّض لإساءة، وسوء الاستخدام، أو التَّجاهل من أيِّ دولة طرف في المعاهدة.

والجدير بالذِّكر أنَّ إسرائيلَ دولةٌ إرهابيَّةٌ من الأساس، منذُ وعد بلفور (وزير خارجيَّة بريطانيا العُظمى في ١٩١٧م)، وبعد ذلك سهَّلت الدُّولُ الأوروبيَّة الهجرةَ إلى فلسطينَ، مجموعات من اليهود الصَّهاينة غادرت أوروبا، ودعمتهم بالمال والسِّلاح، وسهَّلت لهم الاستيلاء على أملاك المواطنِينَ العرب، وطردهم بقوَّة السِّلاح، وارتكاب أبشع أنواع الجرائم ضدَّ الفلسطينيِّين، منها دير ياسين، وصبرا وشاتيلا، وفندق ديفيد في القدس، وغيرها لترويع السكَّان العُزَّل، واحتلال منازلهم وأملاكهم بكلِّ وسائل التَّطهير العرقيِّ، حتَّى تمَّ قبولُ الكيان الصهيونيِّ في عام ١٩٤٨م كدولةٍ في الأممِ المتَّحدة في ظروفٍ مريبةٍ خلال انتخاباتٍ أمريكيَّةٍ كان الصِّراع فيها بين المتنافسين على أشدِّه. ومنذ ذلك الوقت، والكيانُ الصهيونيُّ يمارسُ كلَّ أنواعِ القهرِ والاستبدادِ في محاولة إرهابِ وتهجيرِ الفلسطينيِّين، ولكنَّ المقاومةَ تعودُ مرارًا وتكرارًا، وتثبت أنَّ أهلَ الأرضِ صامدُونَ مهما حاول العدو قهرَهم وإبعادهم، حتَّى أتت طوفان الأقصى، ووضعت العدوَّ في مأزقٍ تاريخيٍّ سيكون بداية النِّهاية لنوايا الصهيونيَّة وأعوانها، وها هي أمام محكمة العدل متَّهمة بارتكاب جرائم إبادةٍ جماعيَّةٍ مُثبتة بالأدلَّة القاطعة، والكلمة الأخيرة لمحكمة العدل الدَّوليَّة، فإمَّا أنْ تكون أو لا تكون..!

إنَّ المجتمعَ الإسرائيليَّ يتعرَّض لأسوأ أزمةٍ سياسيَّةٍ وصدمةٍ أخلاقيَّةٍ سيكون لها أثرٌ سيكولوجيٌّ لم تعرفه إسرائيلُ منذُ تأسيس الدَّولة اليهوديَّة المارقة، وقد حانَ أجلُها، وانتصار الشَّعبِ الفلسطينيِّ -بإذن الله تعالى-، "إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ".

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store