Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

الوجود الإسرائيلي مشكلة عالمية

A A
لا تُوجد دولةٌ في العالم وُجدت بنفسِ الطريقةِ التي أُوجِدت بها إسرائيلُ، وقريبُ الشَّبه الولاياتُ المتَّحدة الامريكيَّة التي أُسِّست على جماجمِ الهنودِ الحُمر، ولكنَّها دخلت في حربٍ أهليَّةٍ طاحنةٍ، وخرجت من تحتِ التَّاج البريطانيِّ، وتأسَّست فيدراليَّةً مكوَّنةً من ٥٠ ولايةً، بدستورٍ فيدراليٍّ استوعبَ الكلَّ، مع أنَّ المجتمعَ الامريكيَّ لازال به كلُّ ألوانِ الطَّيفِ الاجتماعيِّ عنصريَّةً، وتفرقةً اثْنيَّة، وفقر، وتفاوت في المستويات.

الإجابةُ عن هذَا السَّؤالِ «عنوانُ المقالِ» الذي هُو ما يتجنَّب الغربُ، بل والعالم بأسرِهِ الإجابةَ عنهُ بوضوحٍ وموضوعيَّةٍ، بالإضافةِ لتمرُّدها على كلِّ الأعرافِ والقِيم الإنسانيَّةِ، والقوانِين والمواثِيق الدَّوليَّةِ، كلُّ ذلك بحمايةٍ مُطلقةٍ من الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، وحلفائِهَا من دُول أوروبا.

وبعد مرورِ سبعةِ عقودٍ وزيادة، لمْ يتغيَّر سلوكُهَا الاستعماريُّ الإرهابيُّ الاستيطانيُّ، وكذلك الدَّعمُ لها مستمرٌ، وما فعلتهُ إسرائيلُ بغزَّة وأهلِهَا، وضعَ العالمَ أمامَ مشهدٍ دمويٍّ غيرِ مسبوقٍ في تاريخ البشريَّة، وبدلًا من الاستنكارِ والمقاطعةِ، ونبذِ تصرُّفاتِهَا الهمجيَّة من قِبل أغلب دُول العالم، لازال مؤيِّدُوها صامِدِين خَلفَهَا، وكأنَّهم في كوكبٍ آخرَ، لا يرُونَ ولا يسمَعُونَ!

لقد تغاضَى العالمُ عن إسرائيلَ، حتَّى أصبحتْ دولةً نوويَّةً غير معلنةٍ، أسوة بغيرِها من الدُّول، غير آبهِينَ بأنَّ سلوكَهَا منذُ تأسيسهَا يجعلُهَا في خانةٍ تشكِّلُ خطرًا جسيمًا على السلمِ العالميِّ، وأمريكا متماهيةٌ معَاهَا بامتيازٍ، وهذا يُعدُّ -بكلِّ المقاييسِ- دعمًا مخالفًا، وغيرَ مسؤولٍ، خاصَّةً أنَّ أمريكا عضوٌ مؤسِّسٌ في الأممِ المتَّحدةِ، ولديها حقُّ «الفيتو» في مجلسِ الأمنِ، الذي من شأنِهِ الحيلولةُ دونَ أيِّ إخلالٍ بالسلمِ العالميِّ.

مرافعةُ جمهوريَّةِ جنوبِ إفريقيا لدى محكمةِ العدلِ الدوليَّةِ، وقرارُ المحكمةِ الواضحُ أكبرُ دليلٍ على أنَّ إسرائيلَ ترتكبُ أفعالَ إبادةٍ جماعيَّةٍ، وتطهيرٍ عرقيٍّ، وجرائمَ حربٍ ضدَّ الفلسطينيِّين في غزَّة والضفَّة الغربيَّة من فلسطينَ، وترفضُ كلَّ المبادراتِ لحلِّ الدَّولتين، الذي يحظَى بإجماعٍ دوليٍّ؛ لحلِّ الصَّراعِ على فلسطينَ من بدايةِ القرنِ العشرين حتَّى الوقت الرَّاهن.. وآخر تصريحاتِ نتنياهو تثبتُ ذلكَ.

وقد كشفت الحربُ الجاريةُ على غزَّة عن أصواتٍ يهوديَّةٍ خارجَ الحدودِ تُدينُ وتكشفُ المزيدَ من نوايا شعبِ إسرائيلَ العدوانيَّة ضدَّ أهلِ الأرضِ الفلسطينيِّين، معلنة بالصَّوتِ والصُّورةِ على كلِّ القنواتِ الفضائيَّةِ، ورغم ذلك تستمرُّ حكومةُ نتنياهو وآلتُهُ العسكريَّة في ارتكابِ جرائمها في غزَّة، والعالمُ يتفرَّجُ، وإسرائيلُ ومَن وراءَهَا يضرِبُون بكلِّ آراءٍ تُدينُهم عرضَ الحائطِ، وتمضي في مشروعِ تهجيرِ 2.3 مليون من سكَّان غزَّة!

والخُلاصةُ أنَّ وجود إسرائيل مشكلةٌ عالميَّةٌ، وقبولهَا في مجتمعِ الأُسرةِ الدَّوليَّةِ منبوذٌ ومرفوضٌ، وأقلُّ ما يمكنُ عملُه مقاطعتهَا وتصنيفهَا دولةً إرهابيَّةً مارقةً.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store