Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

ريحُ (عادٍ) الثَّانية..!!

بضاعة مزجاة

A A
بعد خلافٍ بين البيتِ الأبيضِ الأمريكيِّ، وهو رأسُ الحكومةِ الاتحاديَّة للولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، بقيادة الرَّئيس الأمريكيِّ جو بايدن، وبين ولايةِ تكساس الجنوبيَّة الحدوديَّة، حول الهجرةِ غير القانونيَّة للعُمَّال من المكسيك، تجدَّد الجدلُ مرَّة أُخْرَى عن انفصالِ هذه الولايةِ، وربَّما غيرها من الولايات عن أمريكا.. الدَّولة الأُمِّ!.

ولو تحقَّق ذلك، فلا عاقبةَ له سوى بدءِ انهيارِ عرشِ الإمبراطوريَّةِ الأمريكيَّةِ التي هيمنتْ على العالمِ لفترةٍ طويلةٍ مع الاتِّحاد السوفييتي قبل انهيارِهِ، ثمَّ بمفردها حتَّى وقتِنا الحاضرِ!.

وهناك تشابهٌ بين ما يحصلُ في تكساس اليوم، وبين أسبابِ وقوعِ الحربِ الأهليَّةِ الأمريكيَّةِ في الفترةِ من عام ١٨٦١م إلى عام ١٨٦٥م، إذْ اندلعتْ هذه الحربُ التي قُتِلَ فيها حوالى ٧٥٠ ألفَ أمريكيٍّ؛ بسببِ الخلافِ بين بعض الولاياتِ الجنوبيَّةِ، وبين الحكومةِ الاتِّحاديَّة حول إلغاءِ الرِّقِّ، وتحريرِ العبيدِ، فمنها مَن تريد استمرار العبوديَّة، ومنها مَن تريد التَّحرير!.

وليس هنا المجالُ لسردِ تفاصيل لتلكَ الحربِ الدَّاميةِ، بل المجال هو أنَّ الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة.. هذه الإمبراطوريَّةُ الأعظمُ في زمننا الحاضر ليست مُحصَّنةً ضدَّ الانهيارِ، كما تبدُو للعالم، ومن أهمِّ أسبابِ انهيارِ الإمبراطوريَّاتِ جنوحُهًا للظُّلمِ بدلًا من العدل، والولايات المتَّحدة الأمريكيَّة اليوم هي الظَّالمُ الأكبرُ عالميًّا، فهي أكثرُ دولةٍ تخوضُ حروبًا لخدمة مصالحها غير المُتَّسقة مع العدلِ، فضلًا عن الإنسانيَّةِ، وهناك إحصائيَّةٌ بأنَّ أكثرَ مُدَّة لم تُحارب فيها هي ١٦ سنةً لا غير، وتتآمر ضدَّ الدُّول التي ترى فيها تهديدًا لها، سواءً كان سياسيًّا، أو عسكريًّا، أو اقتصاديًّا، ولعلَّ موقفها من إسرائيلَ الدَّاعم الأعمى لها، رغم ظُلم هذه الأخيرة لفلسطينَ العربيَّةِ المسلمةِ، وتحويلِ حياةِ الفلسطينيِّين لجحيمٍ دنيويٍّ لا يُطاق!.

ولو صدقَ مَن يزعمُ أنَّ أمريكا هي عادٌ الثَّانية، بعدَ عادٍ الأُولى التي تجبَّرت في قديم الزَّمان، وظلمتْ، وزعمتْ أنَّها الأقوى، فدمَّرها اللهُ «بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا»، فلا شكَّ أنَّ ريحَ عادٍ الثَّانية هي تفكُّك أمريكا بانفصالِ ولاياتِها واحدةً بعد أُخْرى، وهذه هي أشدُّ ريحٍ قادرةٍ على جعْلِ أمريكا وظلمِها للعالِم في خبرِ كانَ، مع اعتذارِي لكانَ وأخواتِهَا، ولغةِ العربِ الجميلةِ!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store