محمد عبده فنانٌ كبيرٌ، وفي الوقت نفسه صاحبُ مبدأ وطنيٍّ، ويحملُ في داخله الهمَّ العربيَّ والموقفَ الإنسانيَّ.
أعلن محمد عبده -خلال حفل التَّكريم الكبير، الذي أقامتهُ هيئةُ التَّرفيه في الرِّياض مؤخَّرًا- عن تبرُّعه بهديتِهِ التي تلقَّاها من الهيئة لإخواننا الفلسطينيِّين في غزَّة، الذين يعانُونَ من القتلِ، والتَّشريدِ، وشظفِ العيشِ.
محمد عبده في هذا الموقفِ الإنسانيِّ يتناغمُ مع جهودِ المملكةِ المتواصلةِ الدَّاعمة للشَّعب الفلسطينيِّ عبر تاريخِ معاناتِهِ.
محمد عبده سجَّل بذلك موقفًا عمليًّا لأهميَّة الفنِّ وقيمتِهِ في دعم قضايانا المعاصرةِ، بما يحتمله الفنُّ، وبما يقتضيه الموقفُ، بعيدًا عن الشِّعارات العاطفيَّة.
ولذلك تظلُّ العلاقةُ بين الفنَّان محمد عبده وجمهورِهِ، أكثرَ من علاقةِ فنَّان بمحبِّيه، بل هي علاقةُ موقفٍ وودٍّ.
هذا الجانب الإنساني لدى محمد عبده، نلمسه في كل حفلاته، في كل لقاءاته، في كل ضحكة ود، وابتسامة ترحاب منه؛ لهذا فهو خالد في قلوب محبيه، وسيحفظه التاريخ عن ظهر حب، وسيبقى متصدراً عالم الفن السعودي والعربي.
مع محمد عبده ينسدلُ بينَ يديكَ تاريخٌ ثريٌّ وعظيمٌ في مسيرةِ الأغنيةِ السعوديَّةِ خاصَّةً، والعربيَّة عامَّةً.
اليوم يظهرُ الفنَّانُ محمد عبده في حفلةِ اليوبيل الموسيقيِّ؛ ليستمرَّ بعطائِهِ الإنسانيِّ، وحضورِهِ الشجيِّ، وأدائِهِ المُبهرِ الذي يمثِّل رحلةَ عطاءٍ امتدَّت عبر ستِّين عامًا، بإرثٍ كبيرٍ تركه للأجيال. لقد غنَّى له كبارُ المطربِينَ في العالم العربيِّ، وما زالت الأجيالُ تشدُو بألحانِهِ وأغنياتِهِ؛ لتنالَ منها الأثرَ والتَّأثير؛ لهذَا حظِي تكريمُه بإقبالٍ كبيرٍ على مدى ليلتَين متتاليتَين، نفدتْ تذاكرهُمَا خلال نصفِ ساعةٍ من عرضِهَا.
قدَّم محمد عبده الأغنياتِ المتنوِّعةَ المُنتقاةَ، وتنقَّل بين الفصيحِ والمحكيِّ عبر أغنياتٍ تنوَّعت بين الوطنيَّةِ والعاطفيَّةِ، وشملت لهجاتِ بلادِنَا كافَّة.
لقد أدركَ بوعي عميقٍ أنَّ للهجاتِ دورًا مهمًّا في خدمة اللُّغة العربيَّة وانتشارِهَا، وهذا جزءٌ من اهتمامِ الفنَّان محمد عبده باللُّغة العربيَّة والفنِّ العربيِّ الأصيلِ المتجدِّدِ.
لا غرابةَ إذن أنْ يكونَ لقبُهُ الأشهرُ «فنَّان العرب» كما لقَّبهُ متذوِّقُو الغناءِ في العالم العربيِّ من المحيطِ إلى الخليجِ.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
