Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أحمد أسعد خليل

استمر بالتعلُّم

A A
هل يمكنُ أنْ نتوقفَ عن التَّعليم؟

سؤالٌ دائمًا نطرحهُ على أنفسنا، هل بلغنَا من العلمِ والمعرفةِ لمرحلةٍ يمكننا أنْ نكتفي بها لحياتِنَا، أم لازالَ أمامنا الكثيرُ من الفرصِ للتعلُّم؟

باعتقادِي أنَّنا ما زلنَا في صفوفِ التعلُّم في هذه الحياة، ولنْ ينتهيَ هذَا الدَّورُ، طالما كُنَّا نبحثُ عن تطويرِ أنفسنَا، والوصولِ إلى شهاداتٍ علميَّةٍ، أو مراتبَ أو مراكزَ متقدِّمة في مستقبلنَا، وهذا الأمر مستمرٌّ إلى نهايةِ مسيرتنَا وحياتنَا.

التَّعليمُ المستمرُّ يأتي بعدَ التَّعليمِ الرسميِّ، وأساسه المبادرةُ الذاتيَّةُ، ومواجهةُ التحدِّيات، ويقوم على مبدأ التعلُّم مدى الحياةِ، حيث يتعلَّم الشَّخصُ فيه مجموعةً من المهاراتِ والمعارفِ الجديدةِ، ويُطوِّر المهاراتِ الموجودةِ لدى الأفرادِ في مجال معيَّن، وهو وسيلةٌ للوصول إلى القدراتِ الكاملةِ، وتحقيقِ الذَّات، والحفاظِ على رغبةِ الفردِ في اكتسابِ معرفةٍ جديدةٍ خارج نظامِ التَّعليم الرسميِّ، وبالتَّالي مساهمته في نجاحِ الحياةِ العمليَّة، قد يكون التعليمُ المستمرُّ شخصيًّا، أو داخل منظَّمة معيَّنة، ويكون شخصيًّا من خلال برامجِ الدرجات العلميَّةِ، والدورات التي تُعقدُ عبر الإنترنت، وهناك بعضُ المهنِ تتطلَّبُ من أفرادِهَا متابعة النَّدوات والمؤتمرات؛ لاكتسابِ الخبرةِ في المجال ومواكبته.

تتنوَّعُ أشكالُ التَّعليم المستمرِّ، ويُمكن تصنيفها وفقًا للمكانِ، إذ يُمكن أنْ يكونَ التعلُّم بالاعتماد على البرامجِ في الكليَّات، والجامعاتِ، ومراكز التَّدريبِ، أو في مكانِ العملِ، ويكون وفقًا للشِّهادة، مُقدَّمًا كبرامجَ لإكمالِ الشِّهاداتِ، أو برامجَ لإعطاءِ الشِّهاداتِ، أو للحصولِ على درجة الدبلوم من الكليَّات، ويكون وفقًا للوسيلةِ، ومن أشهرها في العصر الحالي التَّعليمُ الإلكترونيُّ، والمحاضراتُ والمؤتمراتُ الإلكترونيَّةُ.

فوائد التعليم المستمر للمنظمات يعود بالنفع على المنظمات والشركات، إذ إنه أداة للابتكار، وفرصة لتحسين أداء الموظفين، فكلما ازداد عدد الموظفين الذين يمتلكون المعرفة، ازدادت قدراتهم في العمل، وبالتالي ستزداد مساهمتهم في نجاح المنظمة، كما يؤكد التعليم المستمر على تقدير الشركة لموظفيها، وجديتها في التطوير الوظيفي لهم، وبالتالي ترتفع نسبة رضا الموظفين عن عملهم، وهو يُقلِّل التكلفة على المنظَّمات، حيث إنّ زيادة فعاليَّة الموظَّفين، تُقلِّل من الحاجة إلى تعيين موظَّفين جُدد، وإعادة تدريبهم، التَّعليم المستمرُ للأفرادِ يُساهم بتطويرِ الأفراد، إمَّا على المستوى الشخصيِّ، أو المستوى المهنيِّ، وذلك من خلال تحسين الأداءِ، حيث يؤدِّي تطوير المهاراتِ واكتساب المعارفِ الجديدةِ إلى تحسين الأداءِ الشخصيِّ، والكفاءة الوظيفيَّة للأفرادِ، وكذلك في التَّطوير والتَّرقية الوظيفيَّة، حيث يُساهم التعليم في تقريب الأفراد من تحقيق أهدافهم المهنيَّة، كالحصول على منصبٍ جديدٍ، إذ إنَّ تحسين الأداء في العمل يُساعد بالحصولِ على التَّرقية المستقبليَّة، والحوافز الماليَّة المرجوَّة، وأيضًا الحصول على التَّراخيص أو الشِّهادات، بحيث يحتاج بعض الموظِّفين إلى الحصول على تراخيصَ أو شهاداتٍ مهنيَّةٍ، أو تحديثِ شهاداتِهم الموجودةِ لديهم، وكذلك الإثراء الشَّخصي، حيث يؤدِّي متابعةُ الاهتماماتِ اللامنهجيَّة في الجوانبِ غير المهنيَّةِ أمرًا مهمًّا لتطويرِ الفردِ، وفتحِ البابِ لفرصٍ جديدةٍ ومستقبليَّةٍ أمامه، وأيضًا الحفاظ على الفعاليَّةِ الوظيفيَّةِ، حيث يُعدُّ بقاءُ الشَّخص مُطَّلعًا على التطوُّرات المهنيَّة؛ عاملًا مهمًّا لإبقائه قادرًا على مواكبةِ مهنتِهِ.

بقيَ من القولِ، إنَّ التَّعليم المستمرَ هو وسيلةٌ لكل ناجحٍ ومجتهدٍ، له نصيبٌ وافرٌ في حياتِهِ من خلاله، لا تتوقَّفْ ولا تبتعدْ عنه، ولا يوجد لك عذرٌ في ذلكَ، إلَّا أنت.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store