Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

قنوات التواصل.. قاعدة نقرة بنقرة!

A A
منذ دخلتُ هذا العالم الافتراضيَّ بصفتي كاتبةَ رأي وروائيَّةً، لأكونَ على علم بما يجري فيه؛ ولأنَّه أسرعُ نشرًا للأخبار والأحداث، وأنا ألتزمُ الحافَّة، أي كمن يمشي بجوار الحائط؛ خشية التعثُّر أو السُّقوط في حفرة، أو التلوُّث بمياه آسنة.

كذلك لم تراودنِي أحلامُ الشُّهرة، أو البحث عن طرق زيادة المتابعين، أو التودُّد والتقرُّب من المشاهير؛ لأجني شيئًا من شهرتهم على رأي: «جاور السَّعيد تسعَد»، أو أنَّي أُحصي عدد متابعيهم، أو أتحسَّر لأنِّي لم أحظَ بمتابعين ومتفاعلين مع منشوراتي القليلة، التي تنحصر في مقالاتِي تقريبًا، ولا زلتُ أُصاب بالدَّهشة كطفل أمام بعض المنشورات والصُّور، والفيديوهات الخارجة عن الذَّوق أو القِيم.

كثيرًا ما أصابني المللُ خلال تصفُّحي من كثرة المنشورات التَّافهة والسَّخيفة، أو القصص المكرَّرة في جميع القنوات، حتَّى على يوتيوب، الفرق أنَّها تتحوَّل إلى حكاية أو قصَّة مصَّورة، ثم تنتقَّل إلى مجموعات وأفراد الواتس بذات الصِّياغة، لكنَّها تنتشر بسرعة، وبعد سنوات يتم إحياؤها من جديد.

لم أكنْ أعرفُ سرَّ هذا الاندفاع والتَّباهي بعدد المتابعين، كيف يمكن للمرء الانشغال طول الوقت بالتَّواصل في كلِّ القنوات؟! حتَّى الوجود بشكل دائم على إحدى المنصَّات مرهقٌ، حتَّى عندما عرفتُ أنَّ عدد المتابعين يمثِّل ثروةً ماليَّةً تتدفَّق إلى الحسابات، أدركتُ هذا الاهتمام المزعج بالإعجابات والمداخلات، والحث على متابعة الصَّفحات والمنصَّات، وعرفتُ سبب انشغال الجميع بالتَّصوير، وتحويل المناسبة التي يحضرُونَها إلى مناسبة للنَّشر على منصَّاتهم، خصوصًا على سناب شات، أو تيك توك، أو من خلال البثِّ المباشر على فيسبوك.

إذا كان المحتوى يستحقُّ البثَّ كندوةٍ أو أمسيةٍ ثقافيَّةن فهو مناسبٌ تمامًا للنَّشر، لكنَّ المناسبات العائليَّة، والأفراح، والاحتفالات الاجتماعيَّة، واللقاءات في المطاعم والاستراحات، تصويرها ونشرها، أو البث المباشر، انتهاكٌ لخصوصيَّة الآخرين، وكثير منها مخالفٌ للذَّوق العام وقِيم المجتمع.

في المناسبات الخاصَّة، والأماكن العامَّة، يجب الاستئذان من الموجودين قبل البدءِ في التقاط الصُّور والفيديوهات بشكلٍ عشوائيٍّ، وبقرار شخصيٍّ دون إشعار الآخرين بتصويرهم، توجد قوانين لمحاكمة مَن يُصوِّر دونَ إذنٍ، لكنْ لابُدَّ من رفع شكوى للجهات المسؤولة، نحن اعتدنا على التذمُّر دون اتِّخاذ إجراء لوقف هذا العبث، والفوضى التي تحدثُ في قنوات التَّواصل.

من جهة أُخْرَى، لا شكَّ بأنَّ وسائل التَّواصل «عالم» له قوانينُهُ ومفرداتُهُ، وأساليب التَّعامل مع المتابعين، وطُرق استدراجهم، لذلك أعتبرُ نفسي طارئةً على هذا العالم الذي أجهلُ قوانينَهُ، ومفرداتِ التَّعامل مع تفاصيلِهِ الكثيرة، فلا أعلمُ هل هو مناسبٌ تسجيل الإعجابِ لما يعجبني فقط، أم أنتقِي شخصيَّاتٍ مشهورةً أتابعهم، أم لمَن يُتابعني ويُسجِّل إعجابَهُ بما يُطرَح في صفحتي أو منصَّتي، على سبيل إعجابٍ بإعجابٍ، أو نقرةٍ بنقرةٍ!.

تسجيل مداخلةٍ على رأي أو فكرة، هل يحتاج إلى معرفةٍ أو مجاملةٍ، أم أنَّ المتصفِّح يتفاعل بشكلٍ عفويٍّ دونَ اعتبارٍ لمَن تابعه أو تجاهله، لكنَّه يستجيب للحظةٍ والمعنى والرَّغبة؟ لا زلتُ أتعلَّم كلَّ يومٍ جديدًا يجعلُني أكثرَ حذرًا في التَّعامل مع قنوات التَّواصل أو زهدًا فيها.

توقفت كثيراً عند بعض المنشورات على منصة «إكس»، أو فيسبوك، التي تشير إلى أهمية التفاعل مع ما ينشره الأصدقاء والصديقات على المنصات، عن طريق مداخلة أو إعجاب، كنوع من تبسيط الأمر على المتابعين أو الأصدقاء، وإلا...!.

لماذا يحتسب عدم التفاعل مع ما يطرح على المنصات تجاهلا، فيتم التهديد بالتجاهل؟!.

أحيانًا تمرُّ سريعًا كنوعٍ من الاطِّلاع على صفحات الأصدقاء، المشكلة أنَّك تجد نفس المنشور على كلِّ صفحاتهم، تحتار أين تُسجِّل إعجابكَ؟ وأين تضع مداخلتك؟ لكنَّه المفهوم الجديد: إعجابٌ بإعجابٍ، أو نقرةٌ بنقرةٍ، وعلى المتجاهلِ تدورُ الدَّوائرُ!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store