Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

ردًا على الصهاينة: الإسراء كان إلى المسجد الأقصى بالقدس

A A
من خلال متابعتي للقنوات الإخبارية التي تستضيف بعض المحللين السياسيين الإسرائيليين من داخل الأراضي المحتلة؛ أجدهم يُردِّدون أكاذيب لا أساس لها من الصحة، ليسلبوا الفلسطينيين حقهم في أرضهم، بل وجدتُ بعضهم يسلب المسجد الأقصى أنّ الرسول صلى الله عليه أُسري به من المسجد الحرام إليه، وعُرِج به منه إلى السماء، فقال أحدهم: إنّ الإسراء لم يكن إلى المسجد الأقصى بالقدس، ولكن إلى المسجد الأقصى بالجعرانة بالطائف، وذلك لينفوا قدسيته لدى المسلمين، لأنّهم يريدون الاستيلاء عليه والانفراد بكامل القدس؛ لذلك نجد أنّ المسؤولين الغربيين في تصريحاتهم الحالية، يتجنَّبون ذكر القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية عندما يتحدثون على حل الدولتيْن، ويكتفون بذكر غزة والضفة الغربية ضمن الدولة الفلسطينية، لاعتمادهم للسردية الإسرائيلية الصهيونية، التي تلغي قدسية المسجد الأقصى لدى المسلمين.

وهم بهذا أنكروا حقيقة تاريخية أقر بها مستشرقون، كثير منهم هاجم الإسلام، ونال من الرسول الكريم ومن التشريعات الإسلامية، وعندما تحدثوا عن الإسراء والمعراج نجدهم ذكروا أنّ الإسراء كان من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، ولنقرأ هذه النصوص لبعض المستشرقين على اختلاف جنسياتهم، ومن بينهم يهود، ولنبدأ بالمستشرق ثيودور نولدكه، شيخ المستشرقين الألمان، فقد أشار المستشرق الفرنسي بلاشير في كتابه «القرآن» إلى موقف نولدكه من الإسراء والمعراج في حديثه عن موقفه من القرآن المكي والمدني بقوله: «إذ أنَّه يمكن التمييز بينهما من حيث الموضوعات الجديدة كإسراء النبي إلى بيت المقدس وعروجه إلى السماء، وأثر ذلك على الدعوة من حيث تكذيب قريش بها، وارتداد بعض المسلمين عنها».

ونجد كارل بروكلمان رغم أنّه وصف سيدنا محمد بالكاهن في كتابه: «تاريخ الأدب العربي»، ورغم أنّه اعتبر الإسراء والمعراج من الأساطير الشعرية التي خلفتها الكتب الإسلامية، إلّا أنّه ذكر أنّ الإسراء كان إلى بيت المقدس، فقال: «وفي هذه الأثناء كان مسلمو مكة، على ما تقول الروايات، يعانون أزمة جديدة، ذلك أنّ حديث محمد عن إسرائه العجيب برفقة جبريل إلى بيت المقدس، ومن ثم إلى السماء، كان قد أوقع موجة من الشك في نفوس بعض المؤمنين، ولكن أبا بكر ضرب بإيمانه الراسخ مثلًا طيبًا لهؤلاء المتشككين فزايلتهم الريب والظنون، ومن الجائز أن تكون هذه الرحلة السماوية من الأساطير الشعرية التي خلفتها لنا الكتب الإسلامية جميعها أقدم من ذلك عهدًا..».

ثم قال واشنطن إيرفينج في كتابه «محمد»: «تم تأمين ملجأ وحماية للرسول من المطعم بن عدي، فغامر بدخول مكة، ولم يلبث بعد أن أعقب كشف غطائه عن الجن في وادي نخلة، بسط الأرض والسماء بين يديه عبر رؤية أو وحي كان أكثر خرقًا للعادة، وهو منذ حصوله ظل موضوع تعليقات من دكاترة – فقهاء– الإيمان الإسلامي، وموضوع خرافات من الساذجين، ونعني الرحلة الشهيرة التي أسري به فيها (صلى الله عليه وسلم) من مكة إلى بيت المقدس».

ثم أورد أميل درمنغم في كتابه «حياة محمد» في حديثه عن الإسراء: «فلما بلغ محمد بيت المقدس ربط البُراق».

وقد تعرض وليم موير إلى واقعة إسراء الرسول، وبعد أن يسردها طبقًا للروايات الإسلامية ويشير إلى آثارها بين أهل قريش وأتباعه، يُعلِّق عليها بأنّها عبارة عن خيال، خاصة أنّه وصف السماوات ومن فيها يتسم بطابع الرومانسية.

ثم قال جورج بوش الجد في كتابه «محمد مؤسس الدين الإسلامي ومؤسس إمبراطورية المسلمين»، بالرغم من إنكاره للإسراء والمعراج: «آثر الله محمدًا في السنة الثانية عشرة لبعثته المزيفة برحلة ليلية فيما يقول هو من مكة إلى القدس، ومن القدس إلى السماء السابعة بصحبة جبريل، ونجد إشارة لهذا في مطلع سورة الإسراء من القرآن».

وهكذا نجد كبار المستشرقين - رغم مواقفهم تجاه الإسلام ونبيه غير الحيادية وغير الموضوعية- أجمعوا أنّ الإسراء كان من المسجد الحرام بمكة قبل الهجرة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، ومن خلال النصوص المذكورة للمؤرخين والمستشرقين تتأكد هذه الحقيقة، ولم يذكر ولا واحد منهم أنّ الإسراء كان إلى المسجد الأقصى في الجعرانة بطريق الطائف، إلا المستشرق البريطاني الفريد جيوم الذي قال: «إنّ المسجد الأقصى الذي أُسري بالرسول إليه، كان قد ذهب في الليل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بـ «الجعرانة»، الذي يبعد عن مكة 50كم في السنة الثامنة للهجرة»، ويعلق على هذا بأنّه التفسير الطبيعي للآية القرآنية التي يُعبِّر فيها محمد عن شكره لله؛ إذ مكنه من الحج ليلًا في وقت لم يكن فيه المشركون قد أباحوا له إقامة شعائره، فكان عليه أن يعقد معهم صلحًا حتى يتمكن من الذهاب إلى الحج في وضح النهار.. وهذه المقولة بها خطأ جغرافي وأخطاء تاريخية كثيرة.

وللحديث بقية..

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store