Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

للتقبيل.. لعدم المساندة !

A A
* تنتابني حالة من الألم والحزن كلما رأيت أحد المحلات الصغيرة وهو يغلق أبوابه بعد أشهر قليلة من افتتاحه، واضعاً العبارة الشهيرة: (للتقبيل لعدم التفرغ)، والتي لا تعني في نظري غير انكسار (حلم) شاب، ووقوعه -غالباً- تحت طائلة ديون لا يعلم مداها غير الله.

* النجاح والرزق أمرهما بيد الله، لكن التكرار اللافت لهذا الاستنزاف؛ يدفعنا لطرح سؤال مهم: مَن المسؤول عن هذه الخسائر المنهكة للشباب، وللاقتصاد الوطني؟! هل هو الشاب قليل الخبرة الذي يدخل السوق (بغشامة) دون أن يدرس جدوى مشروعه وحاجة السوق له؟.. أم أن السبب يعود لبعض الجهات التي من المفترض أن تكون داعمة لهذه الأحلام مثل: (البلديات، الغرف التجارية، وزارة التجارة، هيئة المنشآت الصغيرة)، والتي لا تقدم للأسف مقابل رسومها أي خدمة تُذكر لهذا المستثمر الصغير، لا من ناحية دراسات جدوى مبسطّة للمشروع، ولا حتى تاريخ موجز للمحل التجاري؛ الذي قد يكون تكرر فيه فشل النشاط نفسه لأكثر من خمس أو ست مرات!.

* لا شك أن للاندفاع الأعمى نحو التقليد دوراً كبيراً في تزايد هذه الظاهرة، فالتقليد هو آفة النجاح التجاري الأولى، ولو نظرت إلى معظم المشاريع الموجودة في شوارعنا؛ لاكتشفت أن بينها تطابقاً بنسبة ٩٠%، وفي هذا دليل دامغ على أن ما يحركها هو التقليد والغيرة - حتى لا أقول الحسد -، وليس دراسة السوق والحاجة الاقتصادية أو أي شيء آخر.. وما يزيد الأمر سوءاً، عدم وجود أي دعم معلوماتي لهذا المستثمر المندفع بمنطق قديم: (حط الدكان جنب الدكان، والرزق على الرحمن)!.

* لا أظنني بحاجة للتأكيد على أهمية المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، فالجميع يدرك أنها من أهم أعمدة اقتصادات الدول، وازدهارها في أي بلد يعني ازدهار المواطن وارتفاع مستوى معيشته، وهذا ما يجعلنا نكرر التأكيد على ضرورة تفهّم حاجات مشاريع الشباب الصغيرة من الدراسات والاستشارات القبلية، وإمدادها بالمعلومات الإحصائية، والخدمات اللوجستية، التي تدعم نجاحها بدءاً من المساعدة من قبل البلديات في اختيار الموقع الجيد؛ بعيداً عن التكدس العشوائي، إلى تقديم تصوّر بسيط عن جدوى المشروع من قِبَل الغرف التجارية، مروراً بالإحصاءات والأرقام التي تكشف للمستثمر حجم العمل وعمق السوق، وصولاً للبرامج التدريبية والدورات التي تساعده على فهم المشهد الاقتصادي كاملاً.

* لا ضمان للنجاح في أي مشروع تجاري، لكن المشاريع التي تقوم على أفكار فريدة ويتم دعمها ومساندتها بشكل علمي ومتخصص، تُعزز فرصها في النجاح بشكل كبير. وهذا ما نأمل من كل الجهات المعنية التعاضد على تحقيقه، حفظاً لثروات الوطن من الهدر؛ في المشاريع المقلدة والعشوائية وغير المدروسة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store