Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

لعل كلام الرطيان يعدل الميزان..!

الحبر الأصفر

A A
#ناصية

منذُ عشر سنواتٍ قالَ أحدُ الأدباءِ:

إنَّ #العرفجَ كالمعصيةِ، نبحثُ عنهَا ونتعاطَاهَا في السِّرِّ، ونتنكَّرُ لهَا ونهربُ منهَا في العَلنِ..

وقبلَ أيَّامٍ -كسرَ الكاتبُ محمد الرطيان قاعدةَ المعصيةِ هذِهِ- حينَ غرَّدَ معلِّقًا على صورةٍ ظهرنَا فيهَا "هو وأنا" معًا، وكتبَ تحتَ الصُّورةِ النَّصَّ التَّالي:

"معَ عطرِ الأماكنِ

‏فاكهةِ المنتدياتِ

‏الباهرِ الماهرِ

‏السَّاخرِ الفاخرِ

‏أحمد العرفج"

وهُنَا أقولُ:

"شكرًا.. للكاتبِ النَّجمِ "أبي سيف" محمد الرطيان الذِي كسرَ هذِهِ القاعدةَ، حيثُ جاهرَ برأيِهِ ومحبَّتِهِ لِي، وكتَبَهُ أمامَ النَّاسِ.. نعمْ.. شكرًا للرَّجلِ الوفيِّ الرطيان "أربعَ مرَّاتٍ" كمَا هُو تعبيرُ مذيعِنَا المتألقِ مفرح الشقيقي:

أوَّلًا: شكرًا لهُ؛ لأنَّه صرَّحَ برأيهِ ونشرَهُ أمامَ النَّاسِ، حيثُ كتبَ ما يعتقدُ.. ثمَّ نشرَ مَا كَتَبَ.. وهُنَا أتذكَّرُ فلسفةَ الشَّاعرِ إيليا أبو ماضِي حينَ قال:

‏مَا قِيمةُ الإِنْسانِ مُعتقِدًا

‏ إنْ لمْ يَقلْ للنَّاسِ مَا اعتَقَدَا؟!

ثانيًا: شكرًا لهُ؛ لأنَّه كتَبَ بصدقٍ وعمقٍ وأثنَى علَى مَا رأَى ويرَى بكلِّ حيادٍ.. في حين أنَّ بعضَهم يظهرُ القبيحَ ويسترُ الحسنَ.. وهذِهِ ليستْ مِن "شِيمِ الكرامِ"، وهُنا يقولُ الشَّاعرُ البهاء زهير:

مَا قُلتَ أَنتَ وَلَا سَمِعتُ أَنَا

هَذَا حَديثٌ لَا يَليقُ بِنَا

إِنَّ الكِرامَ إِذَا صَحِبتُهُمُ

سَتَرُوا القَبيحَ وَأَظهَرُوا الحَسَنَا.!

ثالثًا: شكرًا لهُ؛ لأنَّه كسرَ قاعدةَ مدحِ النَّاسِ "في السرِّ"، والتجاهل لهم في العَلَنِ.. حيثُ إنَّ كثيرًا من النَّاسِ يمدحُ ويهدِي على الخاصِّ، ويمتنعُ عن النَّشرِ والثَّناءِ أمامَ النَّاسِ..!

رابعًا: شكرًا؛ لأنَّه كتبَ هذَا الكلامَ وأنَا حيٌّ أُرزق؛ لأنَّ الغالبيةَ تكتبُ عن النَّاسِ بعدَ موتِهِم.. وهنَا أتذكَّرُ فلسفةَ الشَّاعرِ فولتير حينَ قال:

"كلمةٌ واحدةٌ تُقالُ عنِّي بصدقٍ وأنَا حيٌّ، خيرٌ مِن كتابٍ يُكتبُ عنِّي بعدَ موتِي".!

ويقولُ القرويُّ -وهذَا النَّصُّ ليسَ موجودًا في عهدةِ الشَّيخِ قوقل، بل استخرجتهُ من الدِّيوانِ- حيثُ يقولُ:

يَا أَيُّهَا الأُدبَا مُوتُوا لِنكرَمكُم..

إنْ يخبثَ العيشُ قدْ تحلُو المنِّياتُ.!

لَو بعضُ إكرامِنَا للنَّابغِينَ بدَا..

مِنَّا لهُم قبلَ أنْ مَاتُوا، لمَا مَاتُوا.!

مَن لَا يكرِّمنِي إلَّا علَى جِدثِي...

فَمَا تكاريمُهُ إلَّا إِهَاناتُ..!

وأيضًا يقولُ الشَّاعرُ عَبيد بن الأبرص:

لَا أُلفِينَّكَ بَعدَ المَوتِ تندبُنِي..

‏وَفِي حياتِيَ مَا زوَّدتنِي زَادِي..!

وهنَا أطرحُ سؤالَين:

* السُّؤالُ الأوَّلُ: ما فائدةُ الكتابةِ عن النَّاسِ بعدَ موتِهِم؟!

* السُّؤالُ الثَّانِي: لماذَا نبخلُ في إعلانِ الحبِّ لمَن نحبُّ، ونضعُ الحبَّ على الصَّامتِ؟

وبالمناسبةِ هذَا المرضُ مرضٌ قديمٌ جدًّا، وقدْ شرحَهُ نزار قباني حينَ قال:

قُولِي أُحبُّكَ كَي تزيدَ وَسَامَتِي

فَبِغيرِ حُبِّكِ لَا أكونُ جَميلا

قُولِي أحبُّكَ كَي تصيرَ أصابِعِي

ذَهبًا وَتصبحَ جبهَتِي قندِيلا

قُولِي أحبُّكَ كَي يتمَّ تحوُّلِي

فأصيرَ قمحًا أو أصيرَ نَخيلا

الآنَ قُولِيها.. ولا تتردَّدِي

بعضُ الهَوَى لَا يَقبلُ التَّأجِيلا

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store