Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد الظفيري

لم نكن هكذا في الصحراء

A A
لسنواتٍ طويلةٍ، تسيَّد مشهدَ المسلسلاتِ البدويَّةِ ممثِّلُون من الأردن؛ كنَّا أطفالًا في القريةِ تجمعنَا تلكَ المُسلسلاتُ بعدَ صلاةِ المغربِ يوميًّا؛ لهجتهُم لا تمثلنَا، لكنَّ قيمهُم ومبادئهُم وحياتهُم كانتْ جدًّا مُشابهةً للحياةِ التي عاشهَا أهالينَا.

كانت قيمُ الشهامةِ والمروءةِ والكرمِ والعطاءِ هي الأصلُ في هذهِ المسلسلاتِ، كانَ الجميعُ يتابعهَا لأنَّهَا ليستْ خادشةً للحياءِ.

لم نكنْ فوضويِّين؛ كانتْ لدينَا حياةً تناسبُ الصحراءَ في ذاكَ الوقتِ؛ وقد يكونُ مسلسلُ «محاكم بلا سجون» هو الأقربُ لشرحِ: كيف كانت تُدار الأمورُ في حينهَا.

تابعتُ في رمضانَ بعضَ حلقاتٍ من مسلسلٍ «بدوي بطواقم خليجيَّة»؛ للأسفِ..

المُسلسلُ كانَ خارجَ نطاقِ أنْ يُشاهدهُ مراهقٌ أو طفلٌ..

حتَّى الشَّاب لنْ يكتسبَ منه سوَى أحداثٍ؛ جميعهَا مرتبطةً بالجنسِ والعلاقاتِ المُحرَّمةِ والخيانةِ وقلَّة المروءةِ..

قد يقولُ البعضُ: إنَّه مجرَّد مسلسلٍ؛ وقصَّةٍ خياليَّةٍ؛ والممثِّل حُرٌّ فيما يُقدِّم..

لكنَّ الحقيقةَ أنَّ الفنَّ يُمثِّلُ رسالةً؛ من خلالهِ تُقدِّم صورةَ شعوبٍ بأكملهَا، لذلكَ رأينَا صورةَ الجنديِّ الأمريكيِّ كبطلٍ لا يُهزم، حتَّى أصبحَ أمرًا راسخًا في النُّفوسِ..

لم نكنْ هكذَا في الصحراءِ..

الجارُ محفوظٌ عرضهُ ومالهُ؛ رحمَ اللهُ الشيخَ عقوب السويط، سمعَ بأنَّ إبلَ جارتهِ نُهِبَتْ من قِبل قبيلةٍ أُخْرى؛ ماتَ كمدًا بلحظتهَا، غبنًا على ما حدثَ..

مسلسلٌ يتحدَّث عن أُناسٍ يعتدُون على نساءِ بعضهم بعضًا، اغتصابًا وطعنًا في الأعراضِ، لا يمكنُ أنْ يحملَ رسالةً سوى أنَّهم يريدُون إثارةَ الجدلِ، بمحتوَى سيئٍ كهذَا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store