استكمل اليوم معكم تلك الرحلة من قريتي الجميلة؛ التي بدأتها مُراهقاً واليوم يملأ الشيب رأسي..
كانت الأحلام تتلاشى؛ والتعب يستقر بالعظام؛ واليأس يزداد مع مرور الوقت..
كُنت أرى الحياة ولا أستطيع الحصول عليها؛ كانت أبسط الأشياء الحياتية ترفاً لا يمكننا توفيره؛ كُنا باختصار فُقراء جداً..
مع الوقت ازداد الوجعُ وجعاً جديداً..
لم يعد الفقر وحده ما ينهش روحي؛ أُصبت بالاكتئاب؛ أكثر من عشر سنوات وروحي سجينة لهذا المرض القبيح؛ كان لي أصدقاء لا يمكن لي نسيان وقوفهم بجانبي؛ تركوا حياتهم وتفرغوا لمُساعدتي على تجاوز هذا الرعب..
حتى بدأت أتماسك؛ وأتجاوز؛ فكان الطريق الوحيد لي هو أن أكتب؛ أكتب لأُخفف عن نفسي؛ كنت لا أنشر، فقط أكتب لنفسي؛ لاحقاً بدأت أُرسل للصُحف والمجلات؛ وللأسف كانوا لا يتفاعلون؛ لم استسلم؛ شعور بداخلي قوي بأن هذا هو طريقي الذي سأنجح به دون الحاجة للآخرين؛ وأصدقائي معي في كُل خطوة..
اجتهدت في تطوير مهاراتي الكتابية؛ ازداد إطّلاعي وازدادت معرفتي؛ وأصبحت أقرأ كُل حدث من زوايا مُختلفة..
لتأتي الفُرصة لي وأكتب في العربية نت وعكاظ واليوم والمدينة..
لأبدأ مسيرة مهنية مرتبطة بالصحافة والإعلام؛ مسيرة في كُل محطّة منها تركت بصمة نجاح أفخر بها؛ هذا الأمر لم يزرع بداخلي غروراً وتعالياً؛ أبداً..
لم أتخلى عن دعم كُل من أعرفهم؛ أُشاركهم مهاراتي وخدماتي دعماً لهم وبلا تردد لأن نجاحهم سينعكس علي بصورة أو بأخرى..
لا أنسى الظهور الأول لمقالي في العربية..
كانت صورتي سبباً في بُكاء أُمي وفرحها بلحظة واحدة؛ بكت وطارت من الفرح لأول انتصارات ابنها في الحياة؛ وقفت في حوش منزلنا «تلولش» لأن أحمد نجح..
نعم؛ تأخرت عن ركب الحياة كثيراً، ولكنني وصلت ولله الحمد..
الآن.. تغيّر الحال؛ أنا وأُسر بأكملها من خلفي أصبحت حياتنا أفضل..
نعم كُنت مُجتهداً؛ ولكن الشيء الأهم كان توفيق الله عز وجل وتيسيره؛ ثم وجود أشخاص من حولي وقفوا معي وساندوني لأتجاوز هذا التعب؛ وأشخاص آخرين منحوني الفُرصة لأُقدم أفضل ما عندي ولأتقدّم في مسيرتي..
هذه الرحلة مليئة بالأشياء التي تكسر الروح؛ حاولت تجاوزها لأصل لنُقطة أخيرة هي رسالة للجميع؛ وهي أنه مهما واجهت في حياتك من مصاعب؛ تأكد أن الله لا ينسى ولا يتخلى عنك أبداً..
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
