Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

الكلمات قد ترسم المسارات..!

الحبر الأصفر

A A
ناصية (1)

أفكارُكَ وكلماتُكَ ترسمُ مسارَ حياتِكَِِ..!

انظرُوا إلى الكلماتِ التِي قالهَا يعقوب بعدَ المصائبِ التِي توالتْ عليهِ:

لمَّا ضاعَ منهُ يوسفُ، وجاءَ إخوتُهُ الَّذِين ضيَّعُوه كمَا يقولُ تعالَى: ﴿وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾

فاستجابَ اللهُ لهُ، وألهمَهُ الصَّبرَ علَى فراقِ يوسفَ وأعانَهُ..

فلمَّا مرَّت السُّنونُ الطَّويلةُ، وجاءَ إخوةُ يوسفَ ليوسفَ، وأخذُوا هذهِ المرَّة الأخَ الشقيقَ ليوسفَ وهُو بنيامين، فأمسكَهُ يوسفُ ثمَّ بقِيَ الأخُ الأكبرُ فيهِم ولمْ يعدْ معهُم لشعورِهِ بالذَّنبِ القديمِ، فهاهُنَا ثلاثةٌ قدْ فُقِدُوا، وهنَا اختلفَ اعتقادُ ودعاءُ يعقوبَ حيثُ قالَ: ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾.

هنَا تغيَّرت اللغةُ في الأُولَى(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ)، لكن في الثانية (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا)، فأتاهُ اللهُ بهِم جميعًا.

أمَّا يوسفُ فقالَ: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾.

وبقولِهِ ذلكَ سجنٌ..!

ناصية (2)

أقوَى السِّجونِ هِي تلكَ العباراتُ التِي كنتُ أسجنُ نفسِي فيهَا مثل: أنَا ضعيفٌ، أنَا غلبانٌ، أنَا فقيرٌ، أنَا سيئُ الحظِّ، أنَا ضعيفُ الذَّاكرةِ، أنَا فوضويٌّ... إلخ

كلُّ كلمةٍ تأتِي بعدَ الضَّميرِ «أنَا» هِي سجنٌ حتَّى ولوْ كانَ الإنسانُ لا يرَى جدرانَ هذَا السِّجنِ، وأوَّلُ خطوةٍ للهروبِ مِن هذَا السِّجنِ هِي التخلُّصِ من الكلماتِ الضيَّقةِ والتَّعيسةِ التِي تأتِي بعدَ الضَّميرِ «أنَا»..!

ناصية (3)

استحضارُ طاقةِ وحرارةِ الكلماتِ ومعانِيهَا أمرٌ مهمٌّ في كلِّ شأنٍ من شؤونِ العبادةِ، وقدْ انتبهَتْ لهذهِ الزَّاويةِ شيختُنَا الصُّوفيَّةُ «رابعةُ العدويَّة» حيثُ قالتْ: «استغفرُ اللهَ من قلَّةِ صدقِي فِي قولِي: استغفرُ اللهَ».

وقدْ سمعَ عليٌّ بن أبي طالب رجلًا يستغفرُ بسرعةٍ ودونَ إحساسٍ فقالَ لهُ: «يَا هذَا؛ إنَّ الاستغفارَ بحاجةٍ إلى استغفارٍ».

ناصية (4)

#ناصية‬ليتنَا نقومُ بحملةٍ لتنظيفِ ألسنتِنَا من ألفاظِ التذمُّرِ، مثل: مللٌ، طفشٌ، مَا لِي خلقٌ، مَا لِي نفسٌ، روتينٌ مللٌّ، شايلُ همِّ الدَّوام، شايلُ همِّ العزيمةِ، حاسسُ بالإحباطِ، نفسيَّتِي تعبانةٌ، متشائِمٌ من الوضعِ، أشعرُ بالقلقِ... الخ!

ومَن يستخدمْ هذهِ الكلماتِ بكثرةٍ كأنَّه متذمِّرٌ مِن نفسِهِ، وكارِهٌ لمجتمعِهِ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store