Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
علي خضران القرني

تعزيز منهج تعليم الخط العربي

A A
كانتْ مادَّةُ الخطِّ العربيِّ هوايتِي الثَّانية بعدَ (القراءةِ) الملازمةِ لحياتِي منذُ الصغرِ حتَّى الآنَ، والتِي كانتْ في تعليمِ أيَّامِ زمانِ ضمنَ المقرَّراتِ المدرسيَّةِ، وبمعدلِ حصَّةٍ واحدةٍ في الأسبوعِ، وكنَّا نتنافسُ -نحنُ الطلبة- أيُّنَا يحصلُ على درجةٍ مميَّزةٍ فيهَا، وكانَ معظمُ خرِّيجي المرحلةِ الابتدائيَّةِ في تلكَ الحقبةِ يُعيَّنُون معلِّمين في المرحلةِ نفسِهَا، لجدارتِهم وتأهيلِهم لذلكَ، وخاصَّةً في علومِ الدِّينِ واللُّغةِ العربيَّةِ، ومَا في حكمِهَا.

ومعَ مرورِ الزَّمنِ وتطوُّرِ التَّعليمِ مرحليًّا، وبزوغِ فجرِ النهضةِ المباركةِ التِي عمَّت أرجاءَ البلادِ في شتَّى مجالاتِ الحياةِ، وتعدُّدِ الموادِّ المدرسيَّةِ وتنوُّعهَا، لُوحظ تضاؤلُ الاهتمامِ بهذهِ المادَّةِ وقلَّةِ المتخصِّصينَ في تدريسها؛ ممَّا أثَّر سلبيًّا على مستوَى بعضِ الخرِّيجين في تحسينِ خطوطِهم في هذهِ المادَّةِ، ولُو قورنَ بينَ خطِّ خرِّيجي الابتدائيَّةِ أيَّام زمان، وخرِّيجي الجامعةِ اليومَ، لوجدنَا البونَ شاسعًا بينهمَا، ومَا زلتُ أذكرُ بيتَي شعرٍ في هذَا المعنَى قالهمَا الخليفةُ سيِّدنَا علي بن أبي طالب -كرَّم اللهُ وجهَهُ-:

تَعلَّم قَوامَ الخَطِّ يَا ذَا التَّأدُّبِ

فمَا الخطُّ إلَّا زينةُ المتأدِّبِ

فإنْ كنتَ ذَا مالٍ فخطُّكَ زينةٌ

وإنْ كنتَ محتاجًا فأفضلُ مكسبِ

وردتَا في الكرَّاسةِ المدرسيَّةِ المقرَّرةِ لتعليمِ الخطِّ وتحسينهِ، من تأليفِ خطَّاطِ وزارةِ المعارفِ -آنذاك- (حلمي)، وتحثانِ على أهميَّةِ تعلُّم الخطِّ لجمالِهِ من جهةٍ، واحترافيَّتهِ معيشيًّا عندَ الحاجةِ من جهةٍ ثانيةٍ.

ومن مزايَا هذهِ المادَّةِ إسلاميًّا، أنَّها اللغةُ التِي نزلَ بهَا القرآنُ الكريمُ، وأنَّها لغةُ نبيِّنَا محمدٍ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- وكلِّ عربيٍّ ومسلمٍ على وجهِ البسيطةِ؛ لذَا كانَ لزامًا علينَا الاهتمامُ بهَا تعليميًّا، وتحسينًا من خلالِ مناهجِنَا العامَّةِ والعاليةِ، وفقَ مَا كانَ الاهتمامُ بهَا لغةً وتعليمًا فيمَا مضَى.

وتعزيزًا لمكانةِ هذهِ المادَّةِ وقيمتهَا إسلاميًّا وعربيًّا، فإنَّني أتمنَّى تخصيصَ يومٍ رسميٍّ باسمِ يومِ الخطِّ العربيِّ، يُحتفَى فيهِ بالقيمةِ المعنويَّةِ والتاريخيَّةِ للخطِّ العربيِّ، وتشجيعَ قيامِ مراكزَ ربحيَّةً متخصصةً تُعنى بتعليمِهِ بأجورٍ مناسبةٍ، وفقَ مَا هُو موجودٌ في بعضِ البلدانِ العربيَّةِ كالشَّامِ ومصرَ وغيرهما، ترتبطُ إشرافيًّا وفنيًّا بالتَّعليمِ الفنيِّ والمهنيِّ، وسيسهمُ هذَا المشروعُ في تأهيلِ وتحسينِ شريحةٍ كبيرةٍ من المواطنِينَ على مختلفِ المستوياتِ والأعمارِ، احترافيًّا وتحسينًا -بإذن الله-.

ويُذكر أنَّ بعضَ الآباءِ أدخلُوا أبناءَهم قبلَ وبعدَ تخرُّجهم في دوراتٍ خاصَّةٍ تُعنى بتحسينِ الخطوطِ؛ لأنَّ عدمَ ملاءمةِ الخطِّ أو وضوحه أحيانًا؛ يكونُ سببًا في عدمِ القبولِ في بعضِ الوظائفِ العامَّةِ، وهي لفتةٌ اجتهاديَّةٌ محمودةٌ من بعضِ الآباءِ نحوَ تأهيلِ أبنائِهم في حياتِهم الحاليَّةِ والمستقبليَّةِ.

* خاتمة:

بُنيت المرتكزاتُ الأساسيَّةُ للمقرَّراتِ المدرسيَّةِ في مسيرتنَا التعليميَّةِ ببلادنَا على منهجيَّةٍ مستوحاةٍ من دستورنَا القويمِ (القرآنِ الكريمِ) وتراثنَا الخالدِ، وفي طليعةِ ذلكَ العلومُ الدينيةُ بفروعهَا العامَّة، واللغةُ العربيةُ ومشتقاتهَا ومنهَا (الخطُّ العربيُّ)، الذِي ظلَّ خلالَ تلكَ الحقبةِ مادَّةً أساسيَّةً يُعوَّلُ عليهَا في جودةِ تحصيلِ أبنائنَا ومستقبلهِم خلالَ سنِي دراساتِهم.

لذا فتطوير هذه المادة والعناية بها من مستهدفات رؤية المملكة (2030)، التي أوصت بالاهتمام بأساسيات التعليم ببلادنا، والحفاظ عليها كجزء من تراثنا الحضاري الأصيل المنبثق من دستورنا (القرآن الكريم)، ومعطيات السنة المطهرة، وشموله في شتى مناهجنا التعليمية يعدُّ مفخرة لنا، وقيمة حضارية لتراث بلادنا وأمتنا، حاضراً ومستقبلاً.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store