Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

القمة 9 ترسيخ للنقلة النوعية في العلاقات السعودية التركية

No Image

A A
«نقلة نوعية» هذا هو المصطلح الذي اختارته وكالة الأناضول التركية وهي تصف العلاقات التركية السعودية، منذ تولي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الرئاسة، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز حكم المملكة.

فلم تمض شهور قليلة على تولي الزعيمين سدة الحكم في بلديهما -أردوغان رئيسا وسلمان ملكا- إلا وقاما بوضع أسس راسخة لعلاقة متنامية، قاما بتطويرها ووضع أطرها وملامحها من خلال قمم متتالية.

رسائل ودلالات

تكتسب زيارة الرئيس أردوغان أهمية خاصة لأكثر من سبب، أولها أنها أول زيارة للرئيس التركي للرياض بعد عقد الدورة الأولى لمجلس التنسيق التركي السعودي، في العاصمة التركية أنقرة، قبل 6 أيام.

كما أنها أول قمة بين الزعيمين بعد تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحكم في 20 يناير الماضي، الأمر الذي يستلزم تنسيقا بين قائدي أكبر وأهم اثنتين من الدول الإسلامية في المرحلة المقبلة.

كما أن القمة المرتقبة بين الزعيمين هي أول قمة تعقد بينهما خلال عام 2017، وذلك بعد 8 قمم تركية سعودية خلال عامي 2015 و2016، جمعت الرئيس أردوغان بقادة السعودية، بينها 5 قمم مع الملك سلمان وقمتان مع ولي العهد، الأمير محمد بن نايف، إحداهما في نيويورك، 21 سبتمبر/ أيلول 2016، والثانية بأنقرة في 30 من الشهر نفسه، إضافة إلى قمة مع ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، في مدينة هانغتشو الصينية، يوم 3 سبتمبر/ أيلول 2016.

كذلك فإن زيارة الرئيس التركي للرياض هي الثالثة له في عهد الملك سلمان، إلى جانب زيارة منفصلة لتقديم العزاء في وفاة العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز في يناير 2015.

وتعكس تلك القمم المتتالية والزيارات المتبادلة في وقت قريب وقصير، الحرص المتبادل بين قيادتي البلدين على التواصل والتباحث وتبادل الرؤى وتنسيق الجهود.

كما تكتسب تلك القمم أهميتها، من الثقل الذي يمثله البلدين، وتقارب رؤى الجانبين تجاه العديد من ملفات المنطقة.

وهذا ما لفت إليه الرئيس التركي، خلال مؤتمر صحفي عقده بمطار «أتاتورك» الدولي بمدينة إسطنبول، أمس الأحد، قبيل بدء جولته الخليجية، حيث أكد أن بلاده تنظر إلى علاقاتها مع السعودية الشقيقة والصديقة من زاوية استراتيجية، خاصة «وأننا نولي أهمية بالغة لأمنها واستقرارها».

وأكّد أردوغان أن بلاده أسست علاقات صادقة ووثيقة مع المملكة، خلال العامين الأخيرين على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والتجارية وغيرها.

وتابع «ننظر إلى علاقاتنا مع السعودية الشقيقة والصديقة من زاوية استراتيجية، ونولي أهمية بالغة لأمنها واستقرارها».

ولفت الرئيس التركي إلى أنه سيبحث مع الجانب السعودي خلال الزيارة، قضايا ثنائية وإقليمية، أهمها المستجدات الأخيرة في الأزمات المستمرة في سوريا والعراق واليمن.

9 قمم في 24 شهرا

تعد القمة المرتقبة اليوم، بين زعيمي البلدين، هي التاسعة خلال 24 شهرا، بعد 8 قمم تركية سعودية عُقدت خلال عامي 2015 و2016، جمعت الرئيس أردوغان بقادة السعودية، بينها 5 قمم مع الملك سلمان وقمتان مع ولي العهد، الأمير محمد بن نايف، إحداهما في نيويورك، 21 سبتمبر/ أيلول 2016، والثانية بأنقرة في 30 من الشهر نفسه، إضافة إلى قمة مع ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، في مدينة هانغتشو الصينية، يوم 3 سبتمبر/ أيلول 2016.

ووفق نتائجها، سارت تلك القمم بخطى ثابتة وسريعة نحو تعزيز العلاقات المشتركة، إذ جرى وضع أسس راسخة لتلك العلاقات خلال القمم الأربع، التي شهدها العام الأول من حكم الملك سلمان.

والقمم الأربع خلال 2015 هي: ثلاث مع العاهل السعودي، إحداها في 29 ديسمبر/ كانون ثان 2015 بالسعودية، وأخرى على هامش زيارته لمدينة أنطاليا التركية، في نوفمبر/ تشرين ثان 2015، وقمة في مارس/ آذار 2015 بالعاصمة السعودية الرياض، وأخيرا قمة بأنقرة، في 7 أبريل/نيسان 2015، مع الأمير محمد بن نايف، وكان حينها وليا لولي العهد.

وتوجت قمم العام الأول من حكم الملك سلمان باتفاق الدولتين على إنشاء مجلس للتعاون الإستراتيجي، خلال زيارة الرئيس أردوغان للمملكة، في 29 ديسمبر/ كانون أول 2015.

وفي العام الثاني من حكم الملك سلمان بلغ التعاون المتنامي بين البلدين ذروته، بتوقيع أنقرة والرياض، يوم 14 أبريل/ نيسان 2016، في مدينة إسطنبول التركية، على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي، بحضور العاهل السعودي والرئيس التركي، وذلك في أعقاب القمة الخامسة بين الجانبين.

تبادل تجاري بـ8 مليارات.. و250 ألف سائح

على الصعيد الاقتصادي، شهدت العلاقات بين البلدين نموا لافتا، إذ نجح المستثمرون السعوديون في الحصول على مكانة متميزة في الاقتصاد التركي، فيما استفاد المستثمرون الأتراك من تنفيذ مشروعات بنى تحتية كبرى في المملكة، وأبرزها مشروع تجديد وتشغيل مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز في المدينة المنورة، بالشراكة مع شركة سعودية.

كما ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 8 مليارات دولار، في ظل جهود مستمرة لزيادته.

وفي تركيا توجد 800 شركة سعودية عاملة، مقابل قرابة 200 شركة تركية في المملكة، بحجم أعمال إجمالي يبلغ 17 مليار دولار أمريكي، ورأسمال يتجاوز 600 مليون دولار. ولدعم وتشجيع العلاقات التجارية بين البلدين، ينشط بفعالية مجلس أعمال سعودي تركي، يضم رجال أعمال من البلدين. ويرى خبراء اقتصاديون أن الشركات التركية يمكن أن تلعب دورا مهما في دعم أهداف رؤية «المملكة 2030»، الرامية إلى الاستغناء عن النفط كمصدر رئيس للدخل في السعودية.

كما ارتفع عدد السياح السعوديين لتركيا خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير حتى وصل متوسط عددهم في أعوام 2014 و2015 و2016 إلى 250 ألف سائح في العام.

ولتلبية طلب السياح السعوديين المتزايد على السفر إلى تركيا، تم في 18 نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، تم تدشين رحلات مباشرة للخطوط الجوية السعودية إلى مطار «أسن بوغا» في أنقرة، قادمة من جدة والمدينة المنورة، لتصبح أنقرة المحطة الثانية للخطوط السعودية في تركيا بعد محطة إسطنبول (مطار أتاتورك الدولي).

مجلس إستراتيجي.. منعطف جديد

وعقدت الدورة الأولى من مجلس التنسيق التركي السعودي، في العاصمة التركية أنقرة يومي 7 و8 شباط/فبراير الجاري برئاسة وزيري الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو والسعودي عادل الجبير، لتكون انطلاقة جديدة في مسار العلاقات بين البلدين نحو آفاق أرحب وعلاقات أقوى.

ووصف الجبير في مؤتمر صحفي مع نظيره التركي، الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي التركي الذي شارك فيه أكثر من 49 جهة في قطاعات مختلفة من البلدين بأنه كان «بناء ومثمرًا».

وأعرب عن ثقته بأن يسهم هذا المجلس في تعزيز العلاقات في المجالات الأمنية أو العسكرية والثقافية والتجارية والتعليمية والعديد من المجالات لصالح البلدين، مؤكدًا حرص المملكة على تعزيز التعاون لمواجهة التحديات في المنطقة.

بدوره كشف وزير الخارجية التركي أنه تم تشكيل 8 مجموعات عمل مختلفة؛ لمناقشة التعاون الثنائي بين البلدين في عديد من المجالات، أبرزها السياسة والعمل الدبلوماسي، والاقتصاد والتجارة والاستثمار والنقل البحري، والسياحة والصحة، والزراعة والبيئة، والصناعة والتسليح والطاقة.

تطابق كامل لصالح قضايا الأمة

القمم والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين بتركيا والسعودية أسهمت في تقارب رؤى الجانبين تجاه العديد من ملفات المنطقة، إذ تحرص أنقرة والرياض على التشاور والتنسيق بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وأكد الوزير الجبير خلال المؤتمر الصحفي مع جاويش أوغلو الأربعاء الماضي أن هناك تطابقا كاملا في وجهات النظر بين البلدين في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وأهمية إيجاد حل بموجب القرارات الدولية، والملف الليبي ومواجهة الإرهاب والتطرف والتدخلات في شؤون الدول.

وشدد على أن الموقف من سوريا «متطابق تمامًا» مع تركيا وهما اللتان شاركتا في تأسيس ما يسمى مجموعة أصدقاء سوريا التي تشمل عشر دول داعمة للمعارضة السورية «المعتدلة».

وأضاف: «أن موقفنا هو أن نحافظ على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها، وأن يستطيع الشعب السوري الشقيق أن يبدأ بدولة توفر رغبته وتحقق طموحاته». ودعا إلى حل الأزمة السورية وفق مؤتمر (جنيف 1) والمبني على إنشاء هيئة انتقالية للسلطة ووقف إطلاق النار في عموم البلاد وإدخال المساعدات الإنسانية. وفيما يتعلق بالتعاون الأمني بين المملكة وتركيا، أوضح، أن التعاون قائم، والمملكة تدعم الجهود التركية في مواجهة الإرهاب كما تدعم تركيا جهود المملكة في مواجهة الإرهاب.

مكافحة مشتركة للإرهاب

في إطار تعاون البلدين لمكافحة الإرهاب، حطّت مقاتلات تابعة لسلاح الجو السعودي، في قاعدة إنجرليك الجوية بولاية أضنة التركية (جنوب)، في فبراير/ شباط الماضي، ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش. كما استضافت الرياض، منتصف يناير/ كانون ثان الماضي، مؤتمر رؤساء هيئة الأركان العامة في 14 دولة، هي تركيا والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية وماليزيا ونيجيريا وتسع دول عربية أخرى، وأكدوا جميعا في ختامه مساندتهم لعملية «درع الفرات» لمحاربة داعش.

ودعما لقوات «الجيش السوري الحر» المعارض، وتحت اسم «درع الفرات»، أطلق الجيش التركي، بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف الدولي، فجر 24 أغسطس/آب الماضي، حملة عسكرية في مدينة جرابلس السورية (شمال)؛ بهدف تطهير المدينة والمنطقة الحدودية من المنظمات الإرهابية.

تعاون عسكري متزايد

النقلة النوعية التي شهدتها العلاقات بين البلدين زادت وتيرة التعاون المشترك في كافة المجالات، خاصة العسكري، حيث شهد عام 2016 أربع مناورات عسكرية مشتركة بينهما.

فقد شاركت القوات الجوية السعودية في تمرين «النور 2016» بقاعدة كونيا العسكرية وسط تركيا، في يونيو/ حزيران الماضي، وهي ثالث مناورة عسكرية تشارك فيها الرياض وأنقرة خلال شهرين. وجاء هذا التمرين بعد نحو أسبوعين من اختتام تمريني «نسر الأناضول 4- 2016»، و(EFES2016 )، الذين أجريا في تركيا، مايو/ أيار الماضي، وشاركت بهما السعودية.

و»نسر الأناضول 4-2016» هو أعرق وأكبر المناورات العسكرية المشتركة القتالية الجوية في العالم، كما يعتبر (EFES2016 ) أحد أكبر التمارين العسكرية في العالم من حيث عدد القوات المشاركة واتساع مسرح الحرب للتمرين بين مدينتي أنقرة وأزمير.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store