Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

مصر لن تنشد: «سينا رجعت تاني ليهم!»

إضاءة

A A
المصريون الذين غنُّوا لسيناء، وتغنُّوا بها، وردَّدوا حين عودتها «مصر اليوم في عيد»، لا يمكن تحت أيِّ ظرف، وتحت أيِّ ضغط، بل وتحت أيِّ قصف أنْ يقبلوا بأنَّ سيناء التي رجعت كاملة «ليهم» ستعود مرَّة أخرى لغيرهم!

أهالي الشهداء الذين رووا بدمائهم أرض سيناء يرفضون.. الجرحى، والمصابون، والمحاربون القدماء يرفضون.. الأحياء من المقاتلين المتوشِّحين بنجمة سيناء يرفضون.

في ضوء ذلك، من حقِّ أرواح الشهداء أن تهدأ -وهي كذلك بإذن الله- ومن حقِّ الذين لمَّا يلحقوا بهم أن يفهموا -على وجه الدقَّة- ماذا يحدث في سيناء؟ ثم ماذا يحدث لسيناء؟

في الإجابة الأولى قد يُقال -بل سيُقال على الفور- إنَّه داعش.. وهذا حقٌّ يُراد به أشياء أخرى.

وفي الإجابة الثانية سيُقال إنَّه تهديد الدولة المصريَّة، وهذا -أيضًا- حقٌّ يُراد به أشياء أكثر وأخطر.

لقد جاءت، أو طفت على السطح.. سطح سيناء «أرض القمر» حكاية تهجير الأقباط؛ باعتبارهم المستهدفين من داعش، وهذا يقينًا مردود عليه بحكم مئات المسلمين الذين قُتلوا طوال الشهور الماضية.

على أنَّ أخطر ما في حكاية الأقباط هو استسهال استخدام مصطلحات التهجير والمهجرين، وكأنَّنا عُدنا لأيام 67.

بكيتُ وأنا أتابعُ وزيرة التضامن تقف بكلِّ فخر -ولا أقولُ فرح- مؤكِّدة أنَّ الحكومة وفَّرت مساكن في الإسماعيليَّة للمهجَّرين.. والحقُّ عندي أنَّه أمر يدعو للأسف، أو الهلع أكثر من كونه مصدر فرح لأيِّ حكومة.

في زحمة تهجير الأقباط دون المسلمين، أو تهجيرهم جميعًا لا ينبغي أبدًا أن تتوه عدَّة حقائق، آن الأوان للتأكيد عليها حتَّى لا تصبح الكلمة مجرد تسلية؛ وحتَّى لا تعم الغاشية:

أولاً: إنَّ مأساة سيناء الحقيقية، أو فلنقل بدايتها كانت مع صياغة اتفاقيَّة كامب ديفيد، التي أصرَّت إسرائيل عليها، والتي تجعلها منزوعة الحراسة الوطنيَّة الكاملة.

ومع ذلك نقول: إنَّ سيناء لن تكون مجرد لعبة يلهو بها المصريُّون، ويلهو فيها غيرهم لسنوات، ثم تعود سيرتها الأولى.

ثانيًا: إنَّ سيناء لن تصبح يومًا وطنًا، أو أرضًا لغير المصريين -بأقباطهم ومسلميهم- مهما تعاقبت، أو تغيَّرت الأجيال، ومهما تبدَّلت الأحوال.

ثالثًا: لن يقبل المصريُّون بالتهجير، أو التوطين مهما ارتفع الدولار، أو انخفص.. ومهما دبَّ الغلاء، وارتفعت الأسعار.. لن يقبل المصريُّون أبدًا بالعار.

رابعًا: لا يمكن أنْ تصبح أرض الفيروز والأحلام ساحةً، أو فناءً لإسرائيل، أو وطنًا لغير المصريين، أو مأوى لطيور وكوابيس الظلام، والذين يرفعون علمًا آخرَ عليها، إنَّما يرفعونه على سدَّة الأوهام.

سيناء مهما تعدَّدت الأساليب والحِيل لن تظلَّ مجرد طلل.. لن تكونَ مكانًا للغربان والبوم.. لن تصبح مجرَّد أشباح تمرُّ في وجوم.. سيناء أرض القمر والنجوم.

خامسًا: إنَّ الرهان على انقراض سلالة عبدالعاطي ورفاقه، الذين رفعوا العلم تكذِّبه أجيال طالعة، تملك الكثير والكثير من حيل الصبر، وقوة الهمم.

أخيرًا.. مهما غابت، أو تأخَّرت إجابات الأسئلة، ومهما تمَّ توزيع مساكن للمهجرين بصورة عاجلة سيخذل المصريون -بمسلميهم وأقباطهم- كلَّ مَن يرتجي لمصر ظلمة مقبلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store