Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

لغم سياسي في استقبال أكبر حزب إسلامي جزائري جديد!

A A
أعادني الإعلان عن اندماج حركة مجتمع السلم مع حركة التغيير وتكوين أكبر حزب إسلامي في الجزائر إلى عشرين عاماً مضت، عندما جمعتني وجبة غداء بكل من أبو جرة سلطاني وعبد الرزاق مقري وعبد المجيد مناصرة.

كان ذلك قبل وفاة أستاذهم الراحل الشيخ محفوظ نحناح حيث آثر ثلاثتهم أن يتعرفوا على وجهة نظري في الأزمة الجزائرية بعد حواراتي المطولة التي أجريتها في ذلك الوقت مع السادة عبد الحميد مهري رئيس جبهة التحرير، وشريف بلقاسم « سي جمال» السياسي المحنك، وطالب الإبراهيمي رجل الحكمة ولويزة حنون الناشطة السياسية وغيرهم من قادة الأحزاب الديمقراطية والاشتراكية والعمالية.

والحق إن تبايناً في وجهات النظر قد ظهر على الغداء بين الشابين الثائرين المتحمسين « مقري» و»مناصرة» ،لكن حنكة نحناح في ذلك الوقت حالت دون أن يطفو الخلاف بين مساعديه على السطح خاصة من جهة الانخراط في العملية السياسية، وإن كانا قد أكدا رفضهما القاطع لدوامة العنف.والحاصل أن الاتجاه الأول قد انتصر إذ خاض نحناح انتخابات الرئاسة ضد الرئيس بوتفليقة حاصداً أكثر من ثلاثة ملايين صوت بنسبة ٢٥% قبل أن تشارك الحركة في الحكومة ممثلة بوزيرين عام ١٩٩٦ بينهما أبو جرة سلطاني وبسبعة وزراء عام ١٩٩٧ بينهم مناصرة وأبو جرة.

وفي عام ١٩٩٨ وبعيد الحكم بتغيير اسم الحركة من حركة المجتمع الإسلامي « حماس» الى حركة مجتمع السلم « حمس» انخرطت من جديد في العمل السياسي قبل أن تدخل في تحالف رئاسي على أساس ميثاق يضم جبهة التحرير، والتجمع الوطني الديمقراطي.

وفي عام ٢٠١٢ فكت الحركة الارتباط بالحكومة عقب الانتخابات.

في تلك الأثناء غادر مناصرة الحركة اعتراضاً على ما اعتبره انحرافاً من سلطاني، مؤسساً جبهة أو حركة التغيير عام ٢٠١٢.

أما رفيقه أو زميله مقري فقد تولى رئاسة «حمس» عام ٢٠١٣ ملتزماً بخط الإصلاح وتبني خطاب المعارضة.

الآن وبعد أكثر من عشرين عاماً اتفق الرجلان على الوحدة وأعلنا السبت الماضي ترسيم الوحدة بين حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير، ليواجها معاً تحديات صعبة لعل أبرزها المزاج العالمي العام الرافض لفكرة وجود أحزاب إسلامية، فما بالك اذا كان هذا الحزب هو الأكبر في تاريخ الجزائر « وما أدراك ما الجزائر» !

هذا على الصعيد العالمي، أما على الصعيد المحلي الجزائري، فهناك عرض حكومي يعتبره البعض بمثابة لغم سياسي منصوب تلقائياً أو عفوياً للحزب الجديد!

لقد تزامن التجهيز لإعلان وحدة الجبهتين في حزب « حمس» مع عرض قدمته الرئاسة الجزائرية وحمله رئيس الحكومة الحالية عبد المالك السلال، يقضي بدعوة رئاسية رسمية للمشاركة في العملية السياسية من جديد!

المثير في الأمر أن العرض الرئاسي ستتم مناقشته وربما التصويت عليه في فترة رئاسة «مناصرة» الشريك القديم للحكومة قبل مغادرته موقعه بعد ٦ أشهر!

والأكثر دهشة أن الشريك الآخر « مقري» أخذ تعهداً كتابياً على «مناصرة» بعدم الترشح لرئاسة الحزب عام ٢٠١٨ !

هنا يبرز السؤال: هل تكون فترة «مناصرة» كافية لإعلان مشاركة أكبر حزب إسلامي جزائري في العملية السياسية؟ أم يتغلب الاتجاه الرافض ويدخل كلاهما في خلاف جديد يفضي إلى فراق؟

الحكمة تقول إن القبول بالمشاركة هو الحل ليس من قبيل المناورة أو الانتهازية وإنما من قبيل البرجماتية السياسية التي انتهجها الغنوشي في تونس بنجاح، رافضاً الاقتراب اللصيق بالضوء أو بالنار حتى لا يحترق وينقطع التيار!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store