Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

نجوم الغفلة.. وسياسة الاستحمار!!

A A
* انتشار الفضائيات المذهل خلال العقد الماضي، وتكاثرها على طريقة الأرانب، وزيادة ساعات بثها، خلق نوعا من الشراهة الإعلامية، ‏اضطرت معه الكثير من هذه القنوات للاستعانة بـ(صوير وعوير) من أجل ملء هذا الفراغ البرامجي الكبير، حتى وإن كان (هذا الصوير) بلا أدنى معرفة أو سابق خبرة‏!.. المهم هنا هو الجاذبية والجماهيرية، والقدرة على (اللت والعجن) وتعبئة ساعات البث الطويلة.. مما ساهم في صناعة (نجوم) في كل المجالات تقريبا، بدءا من الوعظ الديني وحتى الرياضة والفن والطبخ والسحر والشعوذة!.

* هذه السوق الفضائية ساهمت في تكريس ما يمكن تسميته بـ(الاستلطاخ) أو (الاستحمار) الإعلامي!!.. وهي ثقافة إعلامية صاخبة وفارغة من المحتوى؛ لم تُقدِّم لوعي المشاهد شيئا، بقدر ما ساهمت في زيادة أرباحها، وتلميع صور نجومها (خصوصًا بعض الوعاظ والدعاة)، الذين تم تقديمهم للمشاهد على أنهم نجوم المرحلة!.. وبعد أن كانوا يقبعون في سفح الهرم الاجتماعي‏ أصبحوا يطلّون علينا من منابرهم الجديدة في الفضائيات، وفي تويتر وفيس بوك.. ينظّرون.. يبيعون علينا المواعظ والدعوات.. وبالطبع.. يكسبون من ورائنا الملايين!.

* (الاستلطاخ) مصطلح سعودي شديد البلاغة، يعني استغفال الآخرين والصعود على أكتافهم من أجل تحقيق مصالح شخصية، وهو عين ما فعله بنا (نجوم الغفلة) الذين كانوا ينظرون للمشاهد باعتباره (حمار تلفزيوني) يقبل كل ما يُقدَّم إليه ويعتبره الصواب المطلق دون نقاش، فاستمرأوا التلاعب بأحلام البسطاء والمرضى والفقراء و صغار السن، ونصبوا لهم الفخاخ حتى في مواقع التواصل الاجتماعي، كما فعل أحدهم قبل أيام في موسم الحج، حين خدش قدسية ذلك اليوم العظيم بمشهد كاريكاتيري فج ومضحك، ختمه بوصلة من الدعاء الهزلي الذي خص بها متابعيه على فيس بوك دون غيرهم، وكأنه يريد القول: من يريد أن يشمله دعائي فليتبعني على الفيس بوك!.

* بغض النظر عن التعليقات الساخرة التي كشفت زيف الدعاء الفيسبوكي، فإن الردود الكثيرة والقوية، والانتقادات العقلانية التي وُجهت (للداعية النجم) تثبت أن وعي الناس قد تغيَّر تجاه هذه الشريحة التي امتهنت الاسترزاق، واستغفال الناس بحثا عن نجومية وهمية.. وأن ما يقوم به هؤلاء هو مجرد محاولات سمجة لجر أقدام المزيد من (الأتباع) نحو صفحاتهم الخاصة من أجل استمرار عجلة (الاستلطاخ) باسم الدين، ومن أجل المزيد من الشهرة والنفوذ والملايين!‏.‏

* سياسة الاستحمار لم تتغيَّر.. ما تغيَّر هو وعي الناس، وهذا يكفي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store