Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

من الغلط استعمال العقل النقدي فقط

الحبر الأصفر

A A
وَسَائِل التَّواصُل الاجتمَاعي - بكل أَنوَاعها، مِن سنَاب شَات ووَاتس أب، وتويتر وفيسبوك، وانستغرَام وتيلغرَام- كَشَفَت لَنَا أَشيَاء كَثيرَة، لَم تَكُن وَاضِحَة مِن قَبل، ومِن المُستَحيل أَن أَذكُر هَذه الأشيَاء هُنَا، ولَكن سأُسلِّط الضّوء عَلى ظَاهِرة، كَثَافة ثَقَافة السَّخَط والتَّشاؤُم والتَّحطيم، التي صَار يَلمسها كُلّ مَن اقتَرَب مِن هَذه الوَسَائِل..!

ولَو حَاولنَا دِرَاسة هَذه الظَّاهِرَة، لاحتجنَا إلَى فَريقٍ مِن عُلمَاءِ النَّفس، والاجتمَاع والنَّقد، ولَكن فِي هَذا المَقَال القَصير، دَعونَا نَرمي حَجرًا، لَعلَّه يَفتح بَوَّابَة للتَّفكير في هَذه القَضيَّة المُزعجَة:

لِمَاذَا أَصبَحت عقُول أَكثَر النَّاس مِثل الذُّبَاب، تَتّجه إلَى مَواضِع العِلَل، ومَكَامِن النَّقص، ومَنَابت القَاذورَات؟، وتَنسَى هَذه الشَّريحَة أَخلاقيَّات النَّحل، الذي يَتّجه إلَى أَحلَى الزّهور، وأَلذّ الورُود، ويَمتَص الرَّحيق، ليُخرج لَنَا أَلذّ عَسَل يَسرُّ الشَّاربين..!

لِمَاذَا أَصبَح الكَثير مِن النَّاس، لَا يَعيشون إلَّا فِي الظَّلام، ولَا يَنظرون إلَّا بعيُون التَّشَاؤم، مِن خِلال نَظَّارة سَميكَة سَودَاء اسمهَا «السَّلبيَّة»؟، هَل لأنَّهم سَاخِطُون عَلَى كُلّ شَيء، ويَنطَبق عَليهم قَول الإمَام الشَّافعي:

وعينُ الرِّضَا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلةٌ

ولَكنّ عينَ السّخَط تُبدي المَسَاويَا!

هَذه الأَسئِلَة أَطرحهَا لَعلّها تُشعل نَار البَحث، وقَبل أَن أُغلق هَذه الفِكرَة، أُؤكِّد أَنَّه لَا يُوجد عَاقِل يَرفض النَّقد والتَّقويم، مِن خِلال استخدَام مَنهَج النَّقد العَقلي، المَبني عَلَى الصِّدق والصَّرَاحَة، والأَدَب والوَعي، ولَكن أَنْ يَتحوَّل عَقل الإنسَان إلَى كُتلَةٍ وَاحِدَة، لَا تَعرف إلَّا زَرع اليَأس، وبَث السَّلبيَّة، ونَشر ثَقَافة الإحبَاط والتَّشَاؤم، فهَذا شَيء يَستَحيل أَنْ يَصدر مِن عَقلٍ رَاشِد..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: أَيُّها النَّاس، أَمَامكم ثَلاثة طُرق، وأَنتُم مَن يَختَار الطَّريق: إمَّا أَنْ يَكون الإنسَان مِثل النَّحل، يَبحث عَن الجَمَال، ويَمتصّ الزّهُور، أَو أَنْ يَكون كالذُّبَاب، الذي يَبحَث عَن التَّشَاؤم، وتَستَهويه المُستنقعَات، وإمَّا أَن يَجمع بَين سيَاسة النَّحلَة، وسيَاسة الذُّبَابَة، فيُعطي كُلّ ذِي حَقٍّ حَقّه..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store