Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أحمد أسعد خليل

الفقد في حياتنا

تمضي حياتنا بين بدايات ثم نهايات، تطول أو تقصر، فهي كذلك يمر بها الفرح والسرور، والحزن والأسى، والضيق والفرج، نعلو ونهبط، نكسب ونخسر، وكل شيء يمكن أن يُعوَّض في دنيانا إلا فقد الأحبة

A A
كل شيء بالدنيا نمتلكه ونفقده ونفرح به ونغضب من أجله، وعلى هذا المنوال تمضي حياتنا بين بدايات ثم نهايات، تطول أو تقصر، فهي كذلك يمر بها الفرح والسرور، والحزن والأسى، والضيق والفرج، نعلو ونهبط، نكسب ونخسر، وكل شيء يمكن أن يُعوَّض في دنيانا إلا فقد الأحبة الذين يغيّبهم القدر في سنته التي لا تستثني أحدًا على وجه الأرض، ولا يمكن الفرار منها مهما حصلنا على أموال أو مكان وقدر.

وكان أكبر الفقد وأعظمه للأمة الاسلامية هو فقد سيّد البشر محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو أسوتنا نقتدي بسنته ونسيّر حياتنا على نهج الشرع الكريم، ونفتدي بفقده أهلنا وأبناءنا أجمعين، عسى أن نلقاه في الدار الآخرة شفيعًا لنا، ويجمعنا به في الفردوس الأعلى مع الجميع من الوالدين والأبناء والأحبة والأصدقاء.

وعندما نفقد أحد الوالدين نشعر بأن الدنيا قد عصفت بنا إلى مسارٍ آخر ونهج مختلف في التعامل معها، صحيح أنها لا تقف على أحد، ولكن تختلف وقفاتنا فيها وتتغيَّر معها نظرتنا لها وآليات التعامل معها، وهي أيضًا تتغير معاملتها لنا، عند الفقد يهون علينا الموت، ونعي جيدًا بأنه قريب منَّا، ولا يمكن أن نغفل عنه، وبعد الفقد يتغيّر شعورنا تجاه الموت، ونعي جيدًا أن الحياة يجب أن نحيا بها، ونقوم بأدوارنا إلى أن يحين وقتنا وأجلنا.

الأسبوع الماضي فقدتُ عزيزًا وغاليًا، كان الأب الثاني لي في دنيتي، عشتُ في كنفه مرحلة دراستي الجامعية، والذي كان يرعاني مثل والدي، ويتابع دراستي وحياتي بكل حب وود، لم أشعر منه إلا أنني الابن الثالث له، طوال حياتي لم أسمع منه ما يكدر الخاطر، ولم أسمع عنه إلا كل خير ومدح من جميع من حوله، شخصية عسكرية منظَّمة، تعلَّمت منه بأن الترتيب والتنظيم المسبق يساعد على تحقيق الأمر بكل يسرٍ وسهولة، تعلَّمت منه معنى الالتزام والوفاء بالعهد، تعلَّمت منه أنه «بالمحافظة تدوم النعم»، تعلَّمت منه الانضباط في المواعيد، كان مع والدي ملازمًا له طوال فترة علاجه، وتعلَّمت منه كيف يُعامل الأخ الأصغر أخيه الأكبر، وأنه بمكانة والده، تعلَّمت منه بأن المعروف لا يُنكر والجميل يُرَد بأحسن منه، لا أنسى أول سيارة اشتريتها في حياتي كانت على يديه، وكان يتابع معي مواعيد الصيانة لها، ويُذكّرني بها.

عمي أسامة بن حمزة خليل، والله لقد فقدتُكَ بعد والدي، وكنتَ لي والدي الثاني، ولا نملك إلا الدعاء لكَ بالرحمة والمغفرة من الله، ونسأله أعلى الجنان بفضلهِ وواسع كرمه، ويجمعنا بكم في الفردوس مع جميع أمواتنا وأموات المسلمين، وأسأل الله أن يفيض علينا بصبرهِ وسلوانه، وأقول لإخوتي خالد ووليد وسارة: عظَّم الله أجركم وأحسن الله عزاءكم، وبارك الله في والدتكم، ووفقكم للبر بها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store