Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

اختلاس الصورة...!

إذاً نحن أمام إشكالية ذات شقين، الشق الأول كشف الممارسات المسيئة للأشخاص سواء كانوا صغاراً أو كباراً، نساء أو رجالاً، والمسيئة للمجتمع أيضاً وللأمن الاجتماعي، وهذه يجب أن يكافأ مختلس الصورة التوثيقية للجريمة أو السلوك المؤذي فعلاً أو قولاً، ويمكن تعريفه بضوابط النشر الإلكتروني، دون مساس، لكن المعتدي على خصوصية الأفراد والشخصيات خصوصاً خارج مكان العمل فتلك جريمة لابد من عقوبة تناسبها

A A
أربعة حوادث المشترك بينها خلال الفترة الماضية « الصورة «، كل حادث منها في اتجاه مختلف، لكنها أشغلت مرتادي التواصل الاجتماعي بشكل دفع المسؤولين لاتخاذ موقف حازم ضد مرتكبي الحوادث، وربما ضد من قام بتصويرها وتوثيقها!

لماذا يتحرك المسؤول بناء على انتشار مقطع فيديو لحادثة ما؟

ولماذا ترتكب حوادث أبشع ولا يتحرك أحد لمحاسبة المسؤول أو المسؤولين؟

لأنه، لا بد من شهود أو دليل، لمعاقبة المجرم أو المخطئ أو المتهور، كانت الصحافة تقوم بدور الكشف والتوثيق، قبل طغيان كاميرا المحمول الذي يلتقط الصورة وفي ثانية ينشرها في الأنحاء. صاحبة الجلالة، الصحافة،هي السلطة الرابعة التي تعين السلطات الثلاثة التشريعية والقضائية والتنفيذية على القيام بمهامها، في كشف الأخطاء الاجتماعية والفساد الإداري والمالي بحرية ودون تعرض الصحفي لعقوبات النشر التي استغلت من قبل بعض المتنفذين للإيقاع بالصحفيين والكتاب وتطبيق العقوبة المالية والمعنوية عليهم ، فوجد القارئ وسائل أخرى تنتصر لحقوقه وتأخذ حقه مباشرة مع خطورتها.

أصبح من حق أي فرد في المجتمع القيام بدور الصحفي، وتوثيق الحدث، ثم نشره، والتعليق عليه، ربما لايمتلك أي مقومات علمية أو ثقافية، أو وعي قانوني، كالترخيص بممارسة هذا الدور والانتماء لمؤسسة صحفية أو إعلامية يخضع لقوانينها ويلتزم بلوائحها، حتى الطفل يمكنه التقاط الصورة ونشرها دون معرفة أن هذا مخالف لقانون النشر أو أنه يدخل ضمن الجرائم المعلوماتية.

في الحوادث الأخيرة، أدى التوثيق، واختلاس الصورة في حادثتي: درة العروس، وضرب المعلم بوحشية لطالب في الفصل أمام زملائه، إلى نتائج إيجابية؛ فلولا جرأة من صوّر تلك اللقطات لضاع الحق وتاهت القضية بين اعتبارها إشاعة في حادثة درة العروس، أو اعتبارها افتراء على المدرس، وربما استمرأ ممارسة العنف ضد طلاب آخرين!

المدرس لم يتورع عن ضرب الطفل على وجهه وشتمه دون اعتبار للمكان أو لنفسية الطالب الطفل، حالياً ومستقبلاً، هذا يعني انتظار عدد من مخرجاته فاشلين أو حاقدين أو مجرمين، لذلك دهشت ممن انتقد وقف المعلم عن مهنة التعليم التي يُنتقى لها الأصلح، إلا تعليمنا للأسف لا معايير موضوعة يتم بناء عليها اختيار الأصلح، فقط الشهادة والتخصص دون خضوع لكشف طبي ونفسي يقرر صلاحية المعلم للتعامل مع الأطفال في الفصل، كذلك من طالب بمعاقبة الطفل البطل الذي وثق نموذجاً لسلوك بعض المعلمين وهو يظن أنه آمن من المحاسبة خلف أبواب الفصول المغلقة.

في حادثة درة العروس، لولا مقاطع سناب التي انتشرت لاعتبر الخبر إشاعة ولنفد المتحرشون من العقوبة وضاع حق المجتمع في حرصه على الفضيلة!

لكن اختلاس الصورة في الحادثين الأخيرين: تصوير المذيعة وانتهاك خصوصيتها حتى مع اقتناعنا بأنها لم تراع تقاليد المجتمع ولا حقوق مهنتها إلا أنها لم تعتدِ على أحد وسلوكها ضار بها، وهي مسؤولة عنه، والجهة التي قامت بتعيينها أو الشخص الذي وضعها في موقع مهم ومسؤول عن المحتوى الذي يمكن أن يتأثر باستهانتها بالقيم الاجتماعية يجب أن يحاسب كما يجب أن يحاسب من صورها ونشر صورها بتلك الطريقة المهينة.

كذلك تصوير المصابين في حادث سير، رغم دمائهم وأنينهم، يجب أن يعاقب مصور المقطع المتباهي بأقصى عقوبة ليذوق وبال أمره.

إذاً نحن أمام إشكالية ذات شقين، الشق الأول كشف الممارسات المسيئة للأشخاص سواء كانوا صغاراً أو كباراً، نساء أو رجالاً، والمسيئة للمجتمع أيضاً وللأمن الاجتماعي، وهذه يجب أن يكافأ مختلس الصورة التوثيقية للجريمة أو السلوك المؤذي فعلاً أو قولاً، ويمكن تعريفه بضوابط النشر الإلكتروني، دون مساس، لكن المعتدي على خصوصية الأفراد والشخصيات خصوصاً خارج مكان العمل فتلك جريمة لابد من عقوبة تناسبها حتى دون تقدم المتضرر لرفع قضية، ربما لا يعرف كيف يتصرف لذلك يجب أن تخصص الجهات المعنية محامين للتوصل مع الضحايا ورفع القضايا.

في المناسبات المختلفة أصبحت الصورة والسناب أساسيين دون مراعاة لخصوصية الحضور، حتى تصوير العروسة والزفة أول ما تطل العروس ترى الهواتف مرتفعة تلتقط كل الأوضاع ثم تنتشر المقاطع عبر سناب أو على الواتس ويصدم الحضور بأن صورهم منتشرة بشكل مريع، تصوير العروس من قبل الحضور غير لائق أبداً، ولا يحق لشخص التقاط صورة لشخص آخر دون إذن، هؤلاء يحتاجون أو يحتجن لعقوبة مضاعفة، لأن مايقومون به انتهاك للخصوصية والتقاط صور بدون إذن ونشرها بدون حق.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store