Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
إبراهيم محمد باداود

الحكومات ومستقبل الوظائف

A A
اختتمت في دبي مؤخرًا فعاليات القمة العالمية للحكومات، وقد أكد المشاركون في تلك القمة بأن صناعة مستقبل البشرية تتطلب ترسيخ ثقافة الابتكار، وتعزيز العلوم المتقدمة، ومهارات المستقبل في القطاعات كافة، إضافة إلى تطبيق الأنظمة التعليمية المتقدمة، التي تؤهل الأجيال للمنافسة العالمية والريادة، وهذا يتطلب تغيير وسائل التعليم والعمل الحالية، وإلغاء بعض المهارات القديمة التي لم يعد لها فائدة، والقفز خارج الإطار التقليدي، والاعتماد على الأنظمة الآلية كبديل للمهارات البشرية الفردية؛ مما سيؤدي إلى اختفاء عدد من الأعمال الروتينية والإدارية، واستبدالها

بأنظمة وبرامج متطورة يتم التحكم فيها بشكل آلي.

الدلائل والبراهين على ما سبق كثيرة ومتعددة، منها دراسة نفذتها شركة ماكينزي، ووجدت بأنه من المتوقع استبدال 1,9 مليون وظيفة في مختلف القطاعات في الإمارات فقط، وبالرغم من خسارة بعض القطاعات لبعض الوظائف فإن قطاعات أخرى ستقوم بخلق وظائف جديدة، ستدخل حيز الوجود، وستتطلب مهارات متقدمة في مجالات متخصصة، في حين ذكر المدير العام لمنظمة التجارة العالمية السيد روبرتو أزيفيدو في تلك القمة، بأن ثمان من أصل عشر وظائف في الاقتصادات المتقدمة ستختفي، والسبب هو التكنولوجيا الجديدة، فآفاق التجارة العالمية اليوم تشهد تحولًا سريعًا لم يسبق أن شهدته، وقد ترغب الحكومات في الاستعداد لهذا التحول، لكن جميع الحكومات ليست مستعدة، ولا تبذل ما يكفي لتعزيز جاهزيتها، وهذا يتطلب إعادة النظر في النظم التعليمية ومهارات القوى العاملة ونظم الضمان الاجتماعي، وتطوير البنى التحتية، ليس فقط للمشروعات الإنشائية كالموانئ والمطارات، بل وكذلك البنى التحتية المعرفية

.

تحدٍّ جديد تواجهه الحكومات حول العالم، كما يواجهه الباحثون عن العمل، فالرؤية المستقبلية والدراسات والأبحاث تؤكد بأن هناك تغييرًا كبيرًا وسريعًا على خارطة الوظائف المطلوبة، وهذا من شأنه أن يلقي بظلاله على الخطط الموضوعة؛ من أجل خفض معدلات البطالة، واستيعاب الخريجين من مختلف القطاعات التعليمية، خصوصًا وأن افتتاحية تلك القمة قد أكدت بأن المعلومات والبيانات ستكون ملكًا لشركات، وستكون تلك الشركات أقوى بكثير من بعض الدول، عبر امتلاك هذه البيانات، التي تعرف من خلالها تفاصيل حياة الناس وعواطفها، وطرق تفكيرها بشكل أكبر بكثير مما تعرفه الحكومات، كما أن (الذكاء الاصطناعي) الذي يعد استثمار المستقبل سيعتبر هو (نفط المستقبل)، وبالرغم من مساهمته في اختفاء الملايين من فرص العمل، فإنه سيضيف للناتج المحلي العالمي مبالغ ضخمة، ويخلق ويستحدث وظائف جديدة في الاقتصادات الناشئة، وكذلك قطاعات تطوير التكنولوجيا والخدمات التخصصية، علمًا بأن التطور والتغيير سيستمران خلال 30 عامًا المقبلة، بشكل أسرع مما

شهدته الـ3000 عام الماضية.

لا بد أن نعيد النظر في الخطط الموضوعة لمواجهة البطالة؛ لتواكب هذه التغييرات السريعة، وأن نطور الأنظمة المرتبطة بزيادة توفير فرص العمل؛ لكي تُسهم في خلق وظائف المستقبل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store