Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

لماذا يستقيلون؟!

A A
* أشفقت كثيراً على الوزير البريطاني (السبيكة) الذي استقال قبل أيام بعد تأخره لدقائق عن جلسة مجلس العموم البريطاني، مما تسبب -حسب قوله- في عدم سماع سؤال يخص وزارته!.. ورغم أن أحد أعضاء المجلس رد بالنيابة عن الوزير (المتخلِّف)، إلا أن صاحبنا قام بتقديم استقالته على الهواء مباشرة تكفيرا عن خطيئته بخذلان مواطنيه!. سبب إشفاقي على الوزير (المسيكين) أنه لا يعرف من أين تُؤكل الكتف، ولا يُجيد أساليب (الذيابة) و(علوم العربان)، ولو كان يعرف أن التأخير و(لطع الناس لساعات) يُعد في أعراف كثير من المسؤولين العرب نوعا من (البرستيج) والثقل وقوة الشخصية، وشاهد على القوة والنفوذ والأهمية، لما قدَّم استقالته بهذا الشكل الهزيل!.

* مشكلة المسؤول الغربي أنه (أخلاقي) أكثر من اللزوم، وهناك الكثير من حالات الاستقالة المشابهة حدثت بعد شعور أصحابها بالتقصير ورغبتهم بالتطهُّر العلني أمام الناس، وهذا نابع من رؤيتهم للمسؤولية وللوظيفة العامة، فالوظيفة في نظر المسؤول الغربي نوع من الخدمة العامة؛ تقوم على ضمير يسمو فوق المصلحة الشخصية، ولا يفرق بين مواطن وآخر، لذلك يشعر المسؤول بالذنب عند ثبوت تقصيره.. على عكس معظم أقرانه العرب الذين يرون الوظيفة مجرَّد وجاهة وتسلُّط واستغلال نفوذ، لذا لا تخطر فكرة الاستقالة في ذهن المسؤول العربي أبدا، مهما كانت كوارثه في حق المواطنين، لأنه لا يشعر تجاههم بأي انتماء، بل تقوم نظرته كما قلنا على فلسفة نفعية وتسلطية.

* يُبرِّر الياباني (نوتوهارا) في كتابه (العرب بعيون يابانية) سبب التوتر في معظم المدن العربية فيقول: (الناس يمشون وكأن شيئا ما يُطاردهم، وجوه جامدة صامتة، مظاهر كثيرة تزيد التوتر في الناس كوقوفهم في الجو الحار لإنهاء معاملة أمام موظفين لا يُبالون بهم مطلقا.. إنهم ينهون الأمر بكلمة واحدة: (بكرة)، وهذا يعني أن على ما بقي من الطابور أن يستأنف الوقوف نفسه في صباح اليوم التالي! هناك استثناء لمن يعرف أحد الموظفين، عندئذ يتم إنجاز المعاملة بسرعة كبيرة!). هكذا يُفسِّر الياباني نوتوهارا سبب التوتر العربي العام بالتعنت الوظيفي وعدم احترام أوقات الناس!

* بمناسبة اليابان التي اعتاد المسؤولون فيها على الانتحار عند ثبوت تقصير في أعمالهم.. يُقال إن مسؤولا يابانيا لم ينتحر؛ ولم يُقدِّم استقالته، رغم أن إدارته تغرق في خسائر وفضائح مالية ضخمة! وبعد التحقُّق من سيرته الذاتية وجد أن السيد (تورا كاواساكي) -وهذا اسمه- قد عمل في المنطقة العربية لمدة 15 عاما!.. و(من عاشر القوم) يا بو كاواساكي!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store