Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

الشتائم لا تُغيِّر القناعات!

A A
• الفُجر في الخصومة وإقصاء المختلف، من أقدم عِلل الشخصية العربية، وأكثرها عصيانًا على الحل!.. قد يقول البعض إن هذا تعميم ظالم، لكن عندما تغلب هذه الصفة على معظم نقاشاتنا، وعندما تكون سنّة دارجة؛ يتساوى فيها المثقف والعامي، والمتعلم وما دون ذلك، فلابد من قبول هذا التعميم!. هل لاحظت كيف تميل الأغلبية منا إلى محاولة تسفيه المخالف، وتجريحه، إما بالتندر والانتقاص من شخصه، أو بتزييف الحقائق والتلاعب بالنصوص، اعتقادًا أن هذا الأسلوب الإقصائي هو نوع من (الشطارة) و(التحجير) على الخصم، وإسقاطه أمام الناس؟!.

• ليس غريبًا وسط هذا الكم من المعارك- غير النزيهة- أن تضيع الحقيقة، وتضيع معها بوصلة فكر الكثير من الشباب الذين وجدوا أنفسهم وسط دوامة لا متناهية من الزيف والأفكار المغلوطة!. وليس غريبًا أيضًا أن يقع السواد الأعظم منهم في حيرة، فلا يستطيعون تكوين رأي؛ أو اتخاذ موقف ثابت وسط هذا الطوفان العالي من الأيدولوجيات المتضاربة والأفكار المتناقضة.. خصوصًا في ظل صمت الجهات المسؤولة عن تعليم الشباب وتكوين وعيهم (وزارة التعليم، وزارة الثقافة، وزارة الشؤون الإسلامية) التي تكتفي بالفرجة عليهم، وهم يتأرجحون على غير هدى بين فكرٍ متطرف وآخر منحل وثالث ملحد؟!.

• تستطيع (تغريدة) واحدة اليوم أن تسمم أفكار مئات الآلاف، ويستطيع حوار تلفزيوني أو مشهد (سنابي) نسف جهود سنوات من العمل التربوي، الأمر هنا تجاوز التقليدية المملة والساذجة في الخطاب الوعظي القديم، وأصبح خطيرًا بالفعل، إنه أشبه بالدخول في لعبة لا قوانين ولا حكّام لها!. وهنا لابد من القول أنه ليس المطلوب صبغ الناس بصبغة واحدة.. فالاختلاف الفكري أمر طبيعي بل ومطلوب في كل مجتمع، لكن الإعلام ليس بريئًا كله، وساحات الإنترنت ليست بعيدة عن أيدي الحاقدين وأصحاب الأجندات، ومن المهم تواجد الجهات المعنية بشكل مكثف وواعٍ لإنتاج خطاب جديد يقبله الشباب ويفهمونه، من أجل تعزيز القيم وكل ما يخدم الدين والوطن والمواطن. ولأنه لا أحد يفهم الشباب مثل الشباب أنفسهم، يبقى من المهم أيضًا استقطاب البارزين والمؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي من الجنسين، لصناعة توجه عام واضح وجاذب يعزز المفاهيم المطلوبة بأسلوب بسيط ومقنع.

• الشتائم لا تُغيِّر القناعات ولا تُسقط الأيدولوجيات.. ما يُغيِّر القناعات فعلًا هو الخطاب العقلاني القادر على النفاذ في عقول ووجدان الشباب، وهو الأمر الذي لازالت الجهات المعنية تتغافل عنه، أو لِنَقُل -في أحسن الأحوال- أنها تتكاسل عن صناعته.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store