Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

عنصريون وطنيون!!

A A
• ليس ثمة ما هو أسوأ من العنصرية، إلا ممارستها تحت شعارات الوطنية!.. إنه أمر يشبه الانفصام.. فالوطنية والعنصرية ضدان لا يلتقيان أبدًا، خصوصًا عندما تُمارس هذه التفرقة البغيضة؛ والتمييز الذي ترفضه كل الأديان والقوانين ضد مكون من مكونات الوطن، وجزء أساس من تركيبته السكانية أو المناطقية أو العقدية، وتكون سببًا في حجب الفرص الوطنية عنهم، هنا تدخل العنصرية مرحلة تتجاوز الكراهية والتراشق اللفظي لتصل حد تهديد النسيج واللحمة الوطنية.

• لست من المؤمنين بنظرية المؤامرة إلا عندما يتعلق الأمر بجرائم تجزئة الوطن تحت تقسيمات عرقية وطائفية ومناطقية، هنا يصبح حسن الظن شيء من السذاجة، فهذه العلل الخبيثة لا تتمدد في المجتمعات إلا بتأثيرات ومؤامرات خارجية، تشعل النار في هشيم الجهلة والمتعصبين وضيقي الأفق الذين يكونون هم وقودها في البداية وضحاياها في نهاية الأمر.. ولا أظنني بحاجة لشهود عدل لإثبات صحة ما أقول، فما حدث في اليمن والعراق وسوريا وقبل ذلك في الصومال ولبنان يؤكد صحة ما نقول، والمؤسف أن الانزلاق في هذه المستنقعات لا يمكن الخروج منها إلا بعد دمار شامل يدمر كل الأطراف، ويهلك الحرث والنسل.

• التنوع والتعدد العرقي والعقدي واللغوي والثقافي أمر طبيعي ومقبول جدًا في الكيانات الكبيرة مثل بلادنا، وهو ما يجب أن يكون موضع احترام الجميع، ولا مجال أبدًا للتهميش أو الاستنقاص أو السخرية أو الاعتراض‏، وهنا أجدني مضطرًا للتنويه والتأكيد على أنني لا أقصد بكلامي اليوم شريحة بعينها، أو فئة دون غيرها، بل أعني تلك الممارسات الفردية التي قد تأتي من هذا الفريق أو ذاك، لمصالح أو مواقف شخصية.

• العنصرية لم تسلم منها أمة على وجه الأرض وإن بتفاوت، وقد ساهم زمن الانفتاح والشحن الإعلامي على تعاظم وتيرتها، مما يجعل تدخل الجهات المختصة مهمًّا وضروريًا لحماية وحدة الوطن وكل مكوناته بدءًا بالكيانات القبلية الكبرى التي تُشكِّل عصب هذه البلاد وعمقها الاستراتيجي، وحتى أصغر وافد جاء لخدمة هذه البلاد بطريقة نظامية وشرعية.

• العدالة في الفرص هي عمود التعايش ووحدة النسيج والاحترام المتبادل، هكذا فَهِمَتْ دول العالم الأول مكافحة التمييز العنصري، وإبداء الرأي في أي قضية مهما كانت درجة حساسيتها يمكن أن يتم بطريقة حضارية ونظامية بعيدًا عن الشحن الشعبوي.. ولستُ أذيع سرًا حين أقول إن بلادنا مستهدفة في أمنها ووحدتها، ولن يجد هؤلاء الأعداء خيرًا من سلاح العنصرية لمحاولة إيجاد موطئ قدم لهم في هذه البلاد، وهذا ما يجب أن تعمل على مناهضته كل قوى الوطن المخلصة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store