Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

حق العودة عندما يراد به باطل!

إضاءة

A A
مهلاً مهلاً! هذا مقال في السياسة لا في العواطف! وهو تعليق على قرار أو طرح سياسي لا اجتماعي، وهو قبل هذا وبعده صرخة في وجه الداعين لاستثناء السوريين والفلسطينيين من تجنيس أبناء اللبنانيات! أما صاحب الطرح فهو وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، أما الطرح نفسه فمشروع قانون يسمح بإعطاء أولاد اللبنانية المتزوجة من أجنبي الجنسية اللبنانية، شريطة ألا يكون الزوج الذي هو الأب سوريًا أو فلسطينيًا!

ولأن طارح المشروع يدرك جيدًا حجم الغضب الذي سيسود الشارع العربي كله، وليس اللبناني والسوري والفلسطيني فقط، فقد تعلل باسيل في مسألة منع تجنيس أبناء اللبنانيات من آباء سوريين وفلسطينيين بمنع التوطين من جهة، والخوف على حق العودة للاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين!

أما عن حجة التوطين، فقد ردت عليها المؤسسات والجمعيات الأهلية، التي تعني بشؤون المرأة، وحقوق الإنسان، مؤكدة أنه طرح عنصري بغيض بغيض يكرس التمييز بين المرأة والمرأة من جهة والرجل والرجل من جهة ثانية.. وقد أفاضت هذه الجهات في الرد بما يكفي وزيادة، وأما عن مسألة الخوف على حق العودة للاجئين والنازحين السوريين، فهو أو هي حق يراد به باطل!

والحق كذلك، أن هذا الحق الذي يراد به باطل، وهو الخوف على حق عودة اللاجئين، لا يقتصر على باسيل وحده، ولا على لبنان وحده وإنما يشمل دولاً ومسؤولين آخرين، بعضهم دافع عن حق عودة الفلسطينيين بحرقهم وحق عودة السوريين بنسفهم من على وجه الأرض!

هكذا تحت حجة حماية حق العودة للاجئين، رفض بعض العرب استقبالهم من الأساس وتركهم فريسة للقنابل والرصاص، وسمح البعض بدخولهم ثم محاصرتهم، فيما يذهب رؤساء حكومات في كندا وأمريكا اللاتينية لاستقبالهم وتجفيف دموعهم!

أرجو ألا يكتب الله على المزيد من العرب ما كتبه على إخوانهم اللاجئين وأشقائهم المشردين حتى يعرفوا مرارة الفقد والكرب العظيم.

المهم الآن أن يدرك من لم تأت عليهم الدائرة أن اللاجئين المشردين يخبؤون في جلودهم أوطانهم ويكتمون في صدورهم أنفاسهم ويعلمون أولادهم وأحفادهم أن البداية في الآخرة!

ويا أيها الخائفون على ضياع حق العودة.. ألم تسألوا أنفسكم إزاء الوضع الحالي: من يرحم المشردين وأمتهم تلفظهم.. وغربتهم تأكلهم.. وهمهم يمضغهم؟

من يرحم اللاجئين ويفتح لهم بيوتًا بل خيام الحنين؟ من يرأف بهم وأطفالهم يصرخون من الجوع ومن المرض ومن البرد ولا أحد يسمعهم إلا من رحم ربكم!

إنهم يتركون ديارهم في وجوم.. وفي سمائهم بوم يحوم دون أن تمتد لهم يد عربية رؤوم.

ويا أصحاب القرار ألا تعرفوا أن المشردين في القفار؛ إنما خرجوا لائذين بالفرار؟

إنه الفرار من أسنان فك صهيوني عنيد أو فارسي عربيد إلى ظلمة المنفى البعيد.. فهل المطلوب أن يتحول اللاجؤون العرب إلى مجرد عبيد؟

هل المطلوب أن يقف الطفل السوري العربي والفلسطيني العربي سجين اسمه وملامحه بدعوى الحفاظ على حق العودة؟

هل المطلوب أن يظل يخجل من أن ينادى باسمه في الميكرفون ويهرب حين تحدق فيه العيون؟

هل المطلوب في الزمن الذي صاغه قادة الانحناء أن يعم العواء قبل أن يتم فرض خرائط جديدة غائرة البكاء؟

ويا أيها الطفل العربي اللاجئ المشرد اطمئن.. مهما طال الزمن.. في ذاكرة كل جد وأب هناك شجرة.. تتقدم مع العمر نحو الحدقة.. كشمس الحقيقة الموثقة.. كأغنية مشرقة.. بصوت تملؤه نغمة ولوعة محترقة.. عائدون.. عائدون.. مهما تكاثر المروجون ومهما انتشر اليائسون الميئسون.

كل لاجئ سيؤوب مهما امتلأت الأرض العربية بالدماء ومهما امتلأت السماء العربية بالثقوب.

sherif.kandil@al-madina.com

للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 (Stc)، 635031 (Mobily)، 737221 (Zain)

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store