Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
إبراهيم محمد باداود

تفضيل الأخبار السلبية

A A
في كثير من الأحيان، يعمد البعض إلى استخدام بعض العبارات المثيرة من أجل انتشار الخبر، أو لفت الانتباه لما يقوم بنشره، حتى أصبحت هناك بعض المصطلحات البارزة، والتي يضمن بعض منها انتشاراً جيداً للخبر، طالما كانت في عنوانه، فالكلمات الرنانة والمصطلحات الرائجة والأوصاف المتداولة؛ أصبحت من أهم المواد التي تُهيمن على المواد الإعلامية بشكلٍ عام، وما تُقدِّمه وسائل التواصل الاجتماعية بشكلٍ خاص.

للأسف، فقد أصبح من المعايير الرئيسية لكي ينتشر الخبر اليوم، أن يكون في عنوانه كلمة أو وصف سلبي يدعو للتشاؤم، مثل القيام بتصنيف معين لجهةٍ مشبوهة، أو إصدار رأي أو حكم شرعي غريب، أو الإعلان عن جريمة مفجعة، أو توقُّع مسار اقتصادي متشائم، أو حدوث أزمة عالمية في جانبٍ معين، فتلك الأخبار أصبحت تضمن انتشاراً واسعاً مثل ما يضمن ارتباط الأخبار ببعض الشخصيات الفنية والرياضية المشهورة انتشاراً كبيراً، خصوصاً إن كانت غير جيدة.

لم تعد بعض الأخبار الإيجابية تجد قبولاً لدى بعض وسائل الإعلام، ولم تعد بعض الأخبار التي تدعو للتفاؤل تجد مكاناً لها بين صفحاته، وإن وجدت، فهو مكان مغمور لا يكاد يُرى، فبعض التوجُّه الإعلامي اليوم بشكلٍ عام، والصحفي بشكلٍ خاص، أصبح يُركِّز وبشكلٍ كبير وفي كثير من الأحيان على الإثارة وعلى التشاؤم، والتركيز على كشف السلبيات بطريقةٍ قد يكون فيها مبالغة، أو تشويه للحقيقة، ولفت الانتباه لتحقيق توسُّع في الانتشار، كل ذلك للأسف على حساب المصداقية من جهة، وعلى حساب عرض صورة قاتمة عن مجتمعنا من جهةٍ أخرى، يحرص الأعداء على استغلالها.

أنا لا أدعو إلى إخفاء السلبيات، ولا أدعو إلى إنكارها، فنحن مجتمع كباقي المجتمعات، لدينا الإيجابيات ولدينا السلبيات، ولكن ما أدعو إليه هو أن يكون لدينا توازن في عرض الأخبار، بحيث لا تكون وسائلنا الإعلامية أداة تسعى من خلالها إلى تحقيق أهدافها على حساب المجتمع، فتُركِّز على بعض الأخبار وتتجاهل أخرى، وتظهر بعض الأحداث في مواقع بارزة وتخفي أحداثاً أخرى قد تكون لها نفس الأهمية، وذلك حرصاً على تأكيد توجُّه معين، أو تأييد قضية ما أو الوقوف ضدها.

إن الإعلام رسالة ومصداقية، وقد وصل مستوى كثير من أخبارنا اليوم إلى الحد الذي لا يمكن الوثوق به، فما إن تسمع أو تقرأ خبراً، إلا ويتبادر إلى ذهنك السؤال: (معقول؟)، بحيث تحرص على أن تتأكَّد من الأمر، وأحياناً قد يكون الخبر صحيحاً، ولكن تفاصيله تأتيك بروايات متفاوتة تنقض بعضها بعضاً، فحري بوسائل إعلامنا أن تسعى اليوم إلى تحقيق انتشار الأخبار من خلال مصداقيتها ودقتها، لا من خلال إثارتها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store