Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

التقاعد: (عين) و(قاف) و(التاء) أفضل!!

A A
تتعاقد دوائر حكومية كثيرة مع متقاعديها الذين تحتاج إليهم، براتب شهري قدره (٤٠٪) من قيمة آخر راتب لهم عندما كانوا على رأس العمل، حسب النظام المعمول به، ولفترةٍ وجيزة ومؤقّتة لا تتجاوز في الغالب العام الواحد!.

وما تفعله الدوائر باختصار، هو تبديل موقعي حرفي «القاف والعين» في كلمة (تقاعد)، فتضع كلّ حرف مكان الآخر، وهكذا تحوّلت الكلمة إلى (تعاقد)، وهكذا تتعامل الدوائر مع مشكلة صِغر السنّ التقاعدية التي هي (٦٠) عاماً، والتي هي غير مناسبة للتقاعد، فالعالم من حولنا قد غيّرتها لسنّ أكبر، خصوصاً مع تحسّن الأوضاع الصحية العالمية، وازدياد معدّل عمر الإنسان حول الأرض!.

أنا أقول أنّ التعاقد حلٌ مؤقّت، وأنا لا أحبّذ الحلول المؤقّتة، وأحبّذ الحلول الدائمة، ولهذا أرى أنّ تمديد سنّ تقاعد المواطن الموظّف لسنّ ٦٣ أو ٦٥ عاماً، وبنفس راتبه وعلاواته، هو أفضل من التعاقد معه بعد تقاعده لفترة وجيزة ومؤقّتة، وبجزء من راتبه، وليس هذا لمصلحته الخاصّة فقط، بل لمصلحة الدوائر التي تصبّ آخراً لمصلحة الوطن العامّة!.

ويتمخّض عن عدم التمديد سلبيات تعرفها الجهة المُشرِّعة لقوانين التقاعد، كما تعرف الأمّ ابنها، لكنّها لا تفعل شيئاً تجاهها، ومن أهمّها عدم استفادة الدوائر من خبرات المتقاعدين الكبيرة التي اكتسبوها مع الزمن، وحرامٌ عليها ألّا تستفيد منهم في وقتٍ يُنقَّبُ عن الخبراء مثلما يُنقَّبُ عن الذهب في المناجم!.

وعدمُ التمديد يُشجّع آلاف المتقاعدين بشكلٍ غير مباشر للهجرة إلى خارج البلد، بعد أن أيقنوا ألّا داعم لهم، ولا مُقدِّر لخدماتهم التي قدّموها، وجهودهم التي بذلوها للوطن، وأنّه محكومٌ عليهم هنا بالموت قاعدين، أو في أحسن الأحوال بالموت متعاقدين، وأنّ رواتبهم التقاعدية والتعاقدية لا تكفي حاجاتهم المعيشية إلّا في الخارج بدلاً من الداخل، فهاجرت المليارات معهم، وتأثر اقتصادُنا بسبب ذلك، ولا علاج ناجع قد وُصِفَ للمشكلة، بل صُرِفَت جرعات مُسكِّنة تُطْفِئ جذوة شريحة مهمّة وكبيرة ومُخْلِصة من المواطنين قبل أوانها بسنين، ويا أمان التقاعد، حُرِّك فيه حرفا الـ(عين) والـ(قاف) فقط، بينما (تاء) التمديد خيرٌ منهما لو كانوا يعلمون!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store