شروط المعرفة الموضوعية

شروط المعرفة الموضوعية

من شروط الحصول أو الوصول إلى معرفة موضوعية ، التخلي عن التعميم والتصنيف والأفكار المسبقة والاملاءات الأيديولوجية ، قبل النظر في أي موضوع . وهذا ما فشل فيه كثير من المثقفين العرب ، فما بالك بالناس العاديين ؟ على سبيل المثال فإن أغلبية المثقفين العرب ما زالوا ينظرون إلى الغرب دون الانتباه إلى انه ليس هناك وجود لغرب واحد يمكن الحديث عنه بمعزل عن الصور والأطر الثقافية والسياسية والحضارية والاجتماعية المتباينة التي يتشكل منها هذا الموضوع المدعو بالغرب . الغرب الذي صدر ثقافة حقوق الإنسان للعالم ، ليس هو الغرب الذي يؤمن جزء منه بثقافة الرجل الأبيض التي تؤمن بالتمييز العرقي . والغرب الذي يسعى عبر مؤسسات حكمه الخاضعة لاملاءات رجال الأعمال للهيمنة ، ويقوم باستغلال مواطنيه ومواطني الدول الأخرى ، ليس هو الغرب الذي تقوم مؤسسات مجتمعه المدني بأدوار نبيلة على صعيد مساعدة المحتاجين والمرضى والمعذبين والمدمنين ، هذا عدا الأدوار العظيمة التي تلعبها هذه المؤسسات في سبيل الدفاع عن حقوق الطفل والمرأة والإنسان بشكل عام . والغرب الذي أثرى الحضارة الإنسانية بالإبداعات الفنية والأدبية الخالدة وغيّر نظرة الإنسانية للحياة بمناهجه الفلسفية التي نقلت البشرية إلى مرحلة غير مسبوقة من التطور ، ليس هو الغرب الذي يعمل على تغييب الناس عبر وسائل الإعلام وعبر المنتجات الفنية التي تغزو العالم وبالذات منذ سيطرة ثقافة أو لغة الصورة على حياة الناس . والغرب الذي اكتشف الكثير من العلاجات الطبية وقضى على الكثير من الأوبئة ، ليس هو الغرب الذي ينفق على الصناعات العسكرية ما يمكن أن يقضي نهائيا على مشكلة الجوع ويحد من اخطار الأمراض بشكل كبير . والغرب الذي قدم العديد من النظريات والنماذج المشرفة - كما هو موجود في الدول الاسكندنافية – للعدالة الاجتماعية ، ليس هو الغرب الذي تقوم انظمته الاقتصادية على الاستغلال في ابشع صوره. والغرب الذي كان أول من عرّف العالم بثقافة الحفاظ على البيئة والمحافظة على التوازن الدقيق في نظام الكون عبر أحزاب الخضر المنتشرة في كل دول أوروبا تقريبا ، ليس هو نفس الغرب الذي يستنزف الطبيعة وينتهك البيئة ويتلاعب بالتوازن الدقيق للنظام الكوني ، في سبيل تضخيم ثروات أرباب اللوبيات الصناعية . المسألة ليست بهذه البساطة ، والنظر إليها وتقييمها ومحاولة الخروج بمعرفة موضوعية عنها ، يحتاج إلى التخلي عن هذه السطحية الشديدة الناتجة عن التعميم والتصنيف والأفكار المسبقة والتزمت الأيديولوجي . وفي الغد سنواصل حديثنا .

 

للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS

تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى

88591 - Stc

635031 - Mobily

737221 - Zain

أخبار ذات صلة

أملٌ.. يُضيء لنا الطريق
القطاع الصحي.. ومؤشرات النمو
طيـــــــــران
مواهب سعودية شابة.. تلفت أنظار العالم
;
سلاح الاقتصاد بين أمريكا والصين
لديك مواهب؟!
(نبكو).. إستراتيجية للتنمية
«سلاسل الإمداد» طريق المملكة نحو المستقبل
;
الأمن و(رجاله)..!
قصَّة غشٍّ في جامعة البترول..!!
استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب
المعهد الوطني لأبحاث الصحة في جامعة المؤسس
;
الهيئة الملكية بينبع ومنجزات خمسين عامًا
أول رئيس جامعة أهلية.. غير سعودي
الحزام.. والنفق المظلم
قلق الوجودية