التذمر من الحاضر نكران وتآمر

لقَد أَزعجنَا خَلقٌ كَثير بعِبَارَات مِثل: «الزَّمَن الجَميل»، «الطَّرَب الجَميل»، «زَمَن الطّيبين»، و»حيَاة المَاضِي السَّعيدَة».. إلخ، وكَأنَّ الحَاضِر سِلسلَة مِن البَشَاعَة، التي لَا جَمَال ولَا رَوعة ولَا سرُور فِيهَا..!

لقَد تَسَاءَل أَكثَر مِن شَخص، عَن مَدَى صَلاحية وسَلَامة الفِكرَة القَائِلَة؛ بقَصْر عِبَارة «الزَّمن الجَميل» حِين نَستَحضر المَاضي، ولَعلَّ أَوّل مَن أَشعَل قَنَاديل الأَسئِلَة، وحَاول الإجَابَة عَن سَبَب وَصفنَا للمَاضِي بالجَمَال، هو الكَاتِب الكَبير «أحمد أمين»، الذي يَروي عَنه الصَّحفي الأُستَاذ «أسامة غريب»؛ فِي كِتَابه «مِصر لَيست أُمِّي.. دِي مِرَات أَبويَا»، قَائِلًا: (تَذكَّرتُ كَلَامًا قَرأتُه للأُستَاذ «أحمد أمين»، كَان يَتحدَّث فِيهِ عَمَّا يُسمِّيه النَّاس بالزَّمَن الجَميل، وحَنينهم الدَّائِم للأيَّام الخَوَالي، واعتقَادهم اليَقيني أَنَّ أَصدقَاء زَمَان هُم الأَصدقَاء الحَقيقيّون، وأَنَّ أَفلَام زَمَان هي السِّينمَا الحَقيقيَّة، وأَنَّ غِنَاء زَمَان هو الطَّرب الحَقيقي، وقَد فَسَّر الأُستاذ «أمين» الأَمر عَلى نَحو أَعجبني جِدًّا، حِين قَال مَا مَعنَاه: «لَو كَان هُنَاك فِي الأَمر شَيءٌ جَميل أيَّام زَمَان، فهو أَنْت.. أَنْتَ الذي كُنتَ جَميلًا بشَبَابك، وإقبَالك عَلَى الحيَاة، بتَفاؤلك ورُؤيتك للأشيَاء والنَّاس بحُسن نيَّة.. الجَميل هو مَشَاعركَ الخضرَاء الغضَّة، وتَفتُّح مَسَام قَلبك للحيَاة والحُبّ.. الجَميل لَيس طَبَق الفُول الذي كُنتَ تَتنَاوله عَلى الرَّصيف، ومَا زَلتَ تَعتَقد أنَّه أَروَع مَا أَكلت فِي حيَاتك، ولَكن الجَميل هو مِعدتك الشَّابة العَفيَّة، التي كَانَت تَهضم الزَّلَط، قَبل أَنْ تَعرف «الزَّانتاك والفوَّار وأَدوية القَولُون»)..!


حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: إنَّ الحَنين إلَى المَاضي، لَيس حَنينًا خَالِصًا لوَجه المَاضِي، بَل هو حَنين إلَى النَّفس، واستحضَار تَفَاصيل الأحدَاث، والأمَاكن مُجرَّد مُحَاولة يَائِسَة، لتَوثيق ذِكريَات أَعمَارنا، التي تَنسَاب مِن بَين «أَصَابع الزَّمن»، ممَّا يُحيلنا إلَى ذَلك الشَّاعِر، الذي سَئِمَ مِن سَمَاع عِبَارة «مَا أَجمَل بَاريس»، فشَعر بأنَّها جُملَة مَبتورة، لَا تُنصف عَلَاقته الحَميميَّة ببَاريس، فأَعَاد صيَاغة العِبَارة قَائلًا: «بَل مَا أَجمَل بَاريس حِين كُنتُ أَنَا شَابًّا»..!!

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»