عيدية الـ ٤ ملايين ريال

بدأت القصّة عندما تلقيْتُ مُعايدة واتس آب، هي صورة لشخص يحمل ٨ رُزم من فئة الـ ٥٠٠ ريال، وكلّ رُزمة فيها نصف مليون ريال حسب معايير رصّ البنوك للنقود، يعني المجموع ٤ ملايين ريال، وعليها عبارة «عيديّتكم واعذرونا على التقصير»!.

ولأنّها مُعايدة ظريفة، فقد أعدْتُ إرسالها لكلّ من في قائمة جوّالي، وعددهم حوالي ١٥٠٠، لأُفاجأ بإعصارٍ من الردود، حتّى من الذين لا يردُّون عليّ في الغالب، بما يُشبِه الإعصار الذي أصاب ولاية تكساس الأمريكية مؤخراً، مع فارق أنّ الأخير كان مُدمِّراً، بينما كان الأول سيلاً من عبارات الشكر وقبول العيديّة الفوري، وتأكيد عدم حصول قصور منّي، والورود الحمراء، والقُبلات الساخنة، وعروض لإرسال أرقام الحسابات البنكية، التي شكّكتني لوهْلة أنّ القومَ مُصدِّقون للعيديّة، والحقيقة هي أنّ كلّهم كانوا لها من المُتمنِّين، ربّما لأنّ رواتبهم لا تكفي حاجتهم، ومُدّخراتهم لا تُحقّق ما تصبو إليه أنفسهم سواء الأساسيات فضلاً عن الكماليات!.


جلسْتُ بعدها أتأمّلُ.. المال، أو «الفلوس» التي تُحيي النفوس، وهو زينةُ الحياة الدنيا، وقال عنه الشاعر:

شيئانُ لا تَحْسُنُ الدنيا بغيرهما.. المالُ يَصْلُحُ منه الحالُ والولدُ..


وهو أصل السؤدد، وقد انقاد له الناس، لكنّهم لم يُبالوا أنّه فتنة، وأنّه ملول، وقد يميل بأهله عن الحقّ، وأنّه غادٍ ورائح، ومُسبِّب للهلاك، وهو مثل الطاووس يذبحه الناس لجمال ريشه، وقال ابن المعتزّ عنه:

ألم تر أنّ المال يُهلِكُ صاحبه.. إذا جمَّ آتيه وسدّ طريقه..

ويُثنى عليه فقط إذا كان بيد الرجل الصالح، يُحْسِنُ طريق جمْعِه، وطريق إنفاقه، كما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم!.

لأجل هذا أعتذر لمن عايدتهم بالـ ٤ ملايين ريال، وأستبدلها بملايين أكثر من الدعوات الصادقة لهم بالصحة، والعافية، وزيادة الإيمان، وسعادة الداريْن!.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»